للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على رسمي، فوجدت عبيد الله جالسا، متشاغلا بطلبه، وقد ضجّ، وهو يقول: أيّ شيء أقبح من أن يتّصل بالخليفة، أنّا عجزنا عن حفظ العامل المصروف، فيقال فينا: كيف يحفظ هؤلاء الأموال، والأعمال، مع عجزهم عن حفظ محبوس؟ وجعل يضرب الناس في التقرير عليه.

وأمر بالقبض عليّ، لمّا رآني، فقلت له: أعزّك الله، لو كان عندي علم بالخبر ما جئتك، قال: فصدّق قولي، وكان حضوري سبب [٢٤] خلاصي.

قال: ووقع في يده وكيل نصرانيّ لابن البختري، يتوكّل في مطبخه، وكان نبطيّا، وقيل له: إنّه لا يجوز أن يخفى عليه خبره، فجعل يضربه.

وكان في المجلس سليمان بن وهب، وأصحاب البرد والأخبار، والناس بأجمعهم.

وكنت أحسن النبطيّة، ولم يكن عبيد الله يحسنها.

فلما حمي الضرب على الوكيل، كاد أن يقرّ على موضع ابن البختري، ففهم ذلك سليمان، ولم يحب أن يأمره بالإنكار، فيكتب بالخبر، وأراد أن يسلم المنكوب، سلوكا لمذهب الناس قديما، في طلب السلامة، بالإبقاء على أعدائهم.

قال: فقال للمضروب كلاما بالنبطية، تفسيره: لا تقرّ، فإنّ الإقرار مثل القير لا ينقلع.

قال: فتصبّر الرجل على الضرب، ثم قال سليمان لعبيد الله: إلى كم تضرب هذا البائس؟ لو كان يعرف شيئا لقاله، اقطع عنه الضرب، لا يتلف، فتدخل في دمه.

قال: فرفع الضرب عنه، وأطلق من يومه، وأفلت المستتر.