للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمجدي: هل أحسست أحداً فقال: لا، إلا باثنين أناخا إلى هذا التل، واستقيا الماء ونهضا. فأتى أبو سفيان مناخهما، فأخذ من أبعار بعيرٍ ففته فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. فرجع سريعاً، وقد حذر، فصرف العير عن طريقها، وأخذ طريق الساحل فنجا، وأوحى (١) إلى قريش يخبرهم بأنه قد نجا والعير، فارجعوا، فأبى أبو جهل وقال: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر، ونقيم عليها ثلاثاً، فتهابنا العرب أبداً.

ورجع الأخنس بن شريق الثقفي بجميع بني زهرة، فلم يشهد بدراً أحد منهم، وكان حليفهم ومطاعاً فيهم، فقال: إنما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت.

وكان قد نفر من جميع بطون قريش جماعة، حاشا بني عدي بن كعب فلم ينفر منهم أحد، فلم يحضر بدراً مع المشركين عدوى ولا زهرى أصلاً. وقد قيل إن ابنين لعبد الله الأصغر بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب شهدا بدراً مع المشركين، وقتلا يومئذ كافرين، وهما عما مسلم والد الفقيه محمد بن مسلم الزهري.

فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى ماء بدر، ومنع قريشاً من السبق إليه مطر عظيم أرسله الله تعالى مما يليهم، ولم يصب منه المسلمين إلا ما لبد لهم الأرض، يعني دهس الوادي (٢) ، وأعانهم على السير. فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة، وأشار


(١) في الأصل: أوصى. راجع التعليق رقم ١، صفحة: ٦٥ من هذا الكتاب.
(٢) الدهس: الأرض السهلة يثقل فيها المشي.

<<  <   >  >>