للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحفظت من الهوى وآثرت التقوى، إلا بترك علي - رضوان الله عليه - ذكر ذلك لنفسه، والاحتجاج على خصمه وأهل دهره، مذ نازع الرجال، وخاصم الأكفاء، وجامع أهل الشورى، ولي وولي عليه، والناس بين معاند يحتاج إلى التقريع، ومرتاد يحتاج إلى المادة، وغفل يحتاج إلى أن يكثر له من الحجة، ويتابع له من الأمارات والدلالات، مع حاجة القرن الثاني إلى معرفة الحق ومعدن الأمر؛ لأن الحجة إذا لم تصح لعلي في نفسه، ولم تقم على أهل دهره، فهي عن ولده أعجز، وعنهم أضعف.

ثم لم ينقل ناقل واحد أن علياً احتج بذلك في موقف، ولا ذكره في مجلس، ولا قام به خطيباً، ولا أدلى به واثقاً، ولا همس به إلى موافق، ولا احتج به على مخالف، فقد ذكر فضائله وفخر بقرابته وسابقته، وكاثر بمحاسنه ومواقفه مذ جامع الشورى وناضلهم، إلى أن ابتلي بمساورة معاوية وطمعه فيه، وجلوس أكثر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله عن عونه. والشد على عضده، كما قال عامر الشعبي: لقد وقعت الفتنة، وبالمدينة عشرون ألفاً من أصحاب رسول الله، ما خف فيها منهم عشرون. ومن زعم أنه شهد الجمل ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>