للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجب له - إن كان الأمر على ما ذكرتم - كيف لم يقف يوم الجمل. أو يوم صفين، أو يوم النهر، في موقف يكون فيه من عدوه بمرأى ومسمع فيقول: " تباً لكم وتعساً! كيف تقاتلوني، وتجحدون فضيلتي، وقد خصصت بآية، حتى كنت كيحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم " فلا يمتنع الناس من أن يموجوا، فإذا ماجوا تكلموا على أقدار عللهم، وعللهم مختلفة، فلا يثبت أمرهم أن يعود إلى فرقة، فمن ذاكر قد كان ناسياً، ومن نازع قد كان مصراً، ومن مترنح قد كان غالطاً، مع ما كان يشيع من الحجة في الآفاق، ويستفيض في الأطراف، وتحمله الركبان، ويتهادى في المجالس. فهذا كان أشد على طلحة والزبير وعائشة، ومعاوية، وعبد الله بن وهب، من مائة ألف سنان طرير وسيف شهير.

ومعلوم عند ذوي التجربة والعارفين بطبائع الأتباع وعلل الأجناد أن العساكر تنتقض مرائرها، وينتشر أمرها، وتنقلب على قائدها بأيسر من هذه الحجة وأخفى من هذه الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>