للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ذهبتم إليه - أيضاً - لا بد فيه من أحد وجهين: إما أن يكون قد كان لا يزال يوجد في الصبيان مثله في الفطنة والذكاء، وإن كان ذلك عزيزاً قائلاً، وكان وجود ذلك ممتنعاً، ومن العادة خارجاً. فإذا كان قد يوجد مثله - على عزته وقلته - فما كان إلا كبعض من نرى اليوم ممن يتعجب من كيسه وفطنته، وحفظه وحكايته، وسرعة قبوله، على صغر سنه، وقلة تجربته. فإن كانت حاله هذه الحال، وطبقته على هذا المثال، فإنا لم نجد صبياً قط وإن أفرط كيسه، وحسنت فطنته، وأعجب به أهله يحتمل ولاية الله وعداوته، والتمييز بين الأمور التي ذكرنا. مع أنه ما جاءنا ولا جاء عند أحد منا بخبر صادق، ولا كتاب ناطق، أنه قد كان لعلي خاصة، دون قريش عامة، في صباه، من إتقان الأمور، وصحة المعارف، وجودة المخارج، ما لم يكن لأحد من إخوته، وعمومته وآبائه.

وإن كان القدر الذي كان عليه علي من المعرفة والذكاء القدر الذي لا نجد له فيه مثلاً، ولا رأينا له شكلاً، فهذا هو البديع الذي يحتج به على المنكرين، ويفلج على المعارضين، ويبين للمسترشدين. وهذا باب قد فرغنا منه مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>