للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

اللسان حسن البيان. وقد رأيت حاسد هذه الطبقة وسمعت به، وهم كثير تعرفهم بالخبر والمشاهدة.

فهذا دليلٌ على أن الحسد لا يكون إلا عن فساد الطبع، واعوجاج التركيب، واضطراب السُّوس.

والحسد أخو الكذب، يجريان في مضمار واحد؛ فهما أليفان لا يفترقان، وضجيعان لا يتباينان. والعداوة قد تخلو من الكذب؛ ألا ترى أن أولياء الله قد عادوا أعداء الله إذ لم يستحلُّوا أن يكذبوا عليهم؟! والحسد لا يبرأ من البُهت، وكيف يبرأ منه وهو عموده الذي عليه يعتمد، وأساسه به البناء يُعقد. وأنشد:

كضرائر الحسْناء قُلن لوجهها ... كذباً وزوراً إنه لدميم

والحسد نارٌ وقوده الرُّوح، لا تبوخ أبداً أو يَفْنى الوقود. والحسد لا يبلى المحسود أو الحاسد. والعداوة جمر يُوقده الغضب، ويطفئه الرِّضا، فهو مؤمَّلالرُّجوع مرجو الإنابة. والحسد جوهرٌ والعداوة اكتساب.

وقال بعضهم: الحسد أنثى، لأنه ذليل؛ والعداوة ذكرٌ فحْل، لأنها عزيزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>