للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: «إذ كان المسلمون متفقين على أنه لا يجوز لأحد أن يعتقد أو يقول عن عمل: إنه قربة وطاعة وبر وطريق إلى الله، واجب أو مستحب، إلا أن يكون مما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك يعلم بالأدلة المنصوبة على ذلك، وما علم باتفاق الأمة أنه ليس بواجب ولا مستحب ولا قربة لم يجز أن يعتقد أو يقال: إنه قربة وطاعة، فكذلك هم متفقون على أنه لا يجوز قصد التقرب به إلى الله، ولا التعبد به، ولا اتخاذه دينًا، ولا عمله من الحسنات، فلا يجوز جعله من الدين، لا باعتقاد وقول ولا بإرادة وعمل» (١).

وقد قرر العلماء هذا الأصل بعبارات مختلفة، وقد تقدم نقل كلام بعضهم في مواضع، وسيأتي إن شاء الله نقل كلامهم مبثوثًا في مواضع أخرى، ومن كلامهم في تقريره ما يلي:

قال الإمام مالك بن أنس: «من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئًا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خان الرسالة، لأن الله تعالى يقول:

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}] المائدة: ٣ [فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا» (٢).

هذا يدل على أن الأصل في العبادات التوقيف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}] الشورى: ٢١ [.


(١) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٥١).
(٢) أخرجه ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ٥٨).

<<  <   >  >>