للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجَسَدِ.

فَإِذَا فَارَقَ الرَّأْسُ الْجَسَدَ فَسَدَ الْجَسَدُ، وَإِذَا فَارَقَ الصَّبْرُ الْأُمُورَ فَسَدَتِ الْأُمُورُ ".

ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى الْفَقِيهِ كُلِّ الْفَقِيهِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: " مَنْ لَمْ يُؤَيِّسِ النَّاسَ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ لَمْ يُؤَمِّنِ النَّاسَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يُزَيِّنْ لِلنَّاسِ مَعَاصِيَ اللَّهِ، وَلَا يُنْزِلُ الْعَارِفِينَ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ، وَلَا يُنْزِلُ الْعَاصِينَ الْمُذْنِبِينَ النَّارَ، حَتَّى يَكُونَ الرَّبُّ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ.

لَا يَأْمَنَنَّ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩] .

وَلَا يَيْأَسُ شَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧] "

قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ الْقَبْرَ، قَامَتِ الصَّلَاةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَالْبِرُّ يَطُلُّ عَلَيْهِ، وَالصَّبْرُ يُحَاجُّ عَنْهُ يَقُولُ: دُونَكُمْ صَاحِبَكُمْ، فَإِنْ حَجَجْتُمْ وَإِلَّا فَأَنَا مِنْ وَرَائِهِ.

يَعْنِي إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَدْفَعُوا عَنْهُ الْعَذَابَ، وَإِلَّا أَنَا أَكْفِيكُمْ ذَلِكَ، وَأَدْفَعُ عَنْهُ الْعَذَابَ ".

فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّبْرَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ.

وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠]

٣٢٤ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي وَرَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ مَالِي وَسَقِمَ جِسْمِي.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا خَيْرَ فِي عَبْدٍ لَا يَذْهَبُ مَالُهُ وَلَا يَسْقَمُ جِسْمُهُ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ.

وَإِذَا ابْتَلَاهُ صَبَّرَهُ» وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَمَاتَ فِي حَبْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، فَإِنْ ضَرَبَهُ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ.

<<  <   >  >>