للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَيْءٍ، وَالْفَقْرُ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ مَنِ اسْتَغْنَى عَنِ النَّاسِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ شَيْئًا، وَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ مَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِمْ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ مَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ، وَسَأَلَهُ.

وَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيْهِ مَنِ اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَلَمْ يَسْأَلْ مِنْهُ شَيْئًا وَذُكِرَ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ كَثِيرًا مَا أَوْصَيْتُكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، وَإِنِّي لَمُوصِيكَ الْآنَ بِسِتِّ خِصَالٍ، فِيهَا عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.

أَوَّلُهَا أَنْ لَا تَشْغَلَ نَفْسَكَ بِالدُّنْيَا إِلَّا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِكَ.

وَالثَّانِي اعْبُدْ رَبَّكَ بِقَدْرِ حَوَائِجِكَ إِلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ: اعْمَلْ لِلْآخِرَةِ بِقَدْرِ مَا تُرِيدُ الْمَقَامَ بِهَا.

وَالرَّابِعُ: لِيَكُنْ شُغْلُكَ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِكَ مِنَ النَّارِ، مَا لَمْ تَظْهَرْ لَكَ النَّجَاةُ مِنْهَا.

وَالْخَامِسُ: لِتَكُنْ جُرْأَتُكَ عَلَى الْمَعَاصِي بِقَدْرِ صَبْرِكَ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ.

وَالسَّادِسُ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْصِي اللَّهَ، فَاطْلُبْ مَكَانًا لَا وَمَلَائِكَتُهُ.

وَقِيلَ لِبَعْضِ الْمَلَائِكَةِ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ يَرَاكَ اللَّهُ قَالَ: أَمَّا الْيَقِينُ فَهُوَ أَنْ تُصَدِّقَ اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْبَابِ الْآخِرَة، وَالتَّوَكُّلُ؛ أَنْ تُصَدِّقَ اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، وَيُقَالُ: التَّوَكُّلُ تَوَكُّلَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الرِّزْقِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْأَمْنُ.

وَالثَّانِي: فِي طَلَبِ ثَوَابِ الْعَمَلِ فَيَكُونُ آمِنًا بِوَعْدِ اللَّهِ فِي الثَّوَابِ، وَيَكُونُ خَائِفًا فِي عَمَلِهِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ أَمْ لَا يُقْبَلُ وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ , قَالَ: اجْتَمَعْنَا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فَقُلْنَا لَوْ حَرَسْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ مُحَارِبٌ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَى أَنْ يُغْتَالَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ بَابِ حُجْرَتِهِ حَتَّى خَرَجَ لِلصَّلَاةِ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقُلْنَا: حَرَسْنَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّكَ مُحَارِبٌ.

وَخَشِينَا أَنْ تُغْتَالَ.

فَقَالَ: أَفَمِنْ أَهْلِ

<<  <   >  >>