للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِخْوَانِي، الْوَيْلُ لَكُمْ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؛ يَوْمَ الرَّاجِفَةِ، يَوْمَ الْآزِفَةِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ، فَذَلِكَ يَوْمٌ عَظِيمٌ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ يَوْمُ الْمُنَاقَشَةِ وَيَوْمُ الْمُحَاسَبَةِ وَيَوْمُ الْمُوَازَنَةِ وَيَوْمُ الْمُسَاءَلَةِ وَيَوْمُ الزَّلْزَلَةِ وَيَوْمُ الصَّيْحَةِ وَيَوْمُ الْحَاقَّةِ وَيَوْمُ الْقَارِعَةِ وَيَوْمُ النُّشُورِ، وَيَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَيَوْمَ التَّغَابُنِ، وَيَوْمَ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، وَيَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَيَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا، وَيَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَيَوْمَ لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا، يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، أَيْ مُنْتَشِرًا، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا، يَوْمَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى , وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ.

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: تَقِفُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ سَنَةٍ فِي الْعَرَقِ مُلَجَّمُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ فِي الظُّلْمَةِ مُتَحَيِّرُونَ، وَمِائَةَ سَنَةٍ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَخْتَصِمُونَ.

وَيُقَالُ: إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ لَيَمْضِي عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ كَمَا يَمْضِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَاقِلُ بِأَنْ تَصْبِرَ عَلَى شَدَائِدِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيَسْهُلَ عَلَيْكَ الشَّدَائِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

<<  <   >  >>