للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَحِبَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، فَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَلَّفَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ: «دَعُوهُ فَإِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ.

قَالَ: «دَعُوهُ فَإِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ» وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ تَخَلَّفَ لِأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ فَكُلِمَ بَعِيرُهُ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ يَتْبَعُ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاشِيًا حَامِلًا عَلَى ظَهْرِهِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْبَلَ إِلَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي وَحْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَكُنْ أَبَا ذَرٍّ» ، فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ النَّاسُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ»

٩٤٢ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْأَسْلَمِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، قَالَ: لَمَّا سَارَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِلَى الرِّبْذَةِ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَأَصَابَهُ بِهَا قَدَرُهُ.

وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَغُلَامُهُ، فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا: أَنْ غَسِّلَانِي وَكَفِّنَانِي، ثُمَّ ضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّ عَلَيْكُمْ، فَقُولُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونِي عَلَى دَفْنِهِ "، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَا بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ وَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي رَهْطٍ مِنَ الْعِرَاقِ فَلَمَّا رَآهُمُ الْغُلَامُ قَامَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: هَذَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ، فَأَقْبَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ يَبْكِي، رَافِعًا صَوْتَهُ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَمْشِي وَحْدَكَ، وَتَمُوتُ وَحْدَكَ، وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ، ثُمَّ وَارَوْهُ وَمَضَوْا وَهُوَ يُحَدِّثُهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرَةٍ إِلَى تَبُوكٍ "

٩٤٣ - وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «سَيُصِيبُكَ بَعْدِي بَلَاءٌ» ، قَالَ: قُلْتُ فِي اللَّهِ؟ قَالَ: «فِي اللَّهِ» ، قُلْتُ: فَمَرْحَبًا بِأَمْرِ اللَّهِ.

قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَلَوْ صَلَّيْتَ خَلْفَ أَسْوَدَ» .

فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، دَعَاهُ فَحَيَّاهُ وَبَكَى، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: قَدْ سَمِعْتَ الْبَلَاءَ بِسَبَبِي، أَوْ فِي زَمَانِي فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَوَلِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، دَعَاهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكَ، فَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يُصِيبَكَ الْبَلَاءُ بِسَبَبِي،

<<  <   >  >>