للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: «نَعَمْ حَدَّثَنِي حَبِيبِي أَنَّ فِي الْإِبِلِ صَدَقَةً، وَفِي الزَّرْعِ صَدَقَةً، وَفِي الدِّرْهَمِ صَدَقَةً، وَفِي الشَّاةِ صَدَقَةً، وَمَنْ بَاتَ وَفِي بَيْتِهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ لَا يُعِدُّهُ لِغَرِيمِهِ أَوْ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ كَنْزٌ يُكْوَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

قَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ اتَّقِ اللَّهَ وَانْظُرْ مَا تُحَدِّثُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ قَدْ فَشَتْ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: أَمَا تَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] ، فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: الْحَقْ بِالرِّبْذَةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ، فَخَرَجَ إِلَى الرِّبْذَةِ فَوَجَدَهُمْ يَؤُمُّهُمْ أَسْوَدُ، فَقِيلَ لِأَبِي ذَرٍّ: تَقَدَّمْ فَأَبَى وَصَلَّى خَلْفَ الْأَسْوَدِ، وَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ لِي: «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ صَلَّيْتَ خَلْفَ أَسْوَدَ» ، وَمَكَثَ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ

٩٤٤ - وَرُوِيَ عَنِ امْرَأَةِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ بَكَيْتُ قَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ: تَمُوتُ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِي ثَوْبٌ أُكَفِّنُكَ فِيهِ، قَالَ: لَا تَبْكِي وَأَبْشِرِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ لِنَفَرٍ كُنْتُ أَنَا فِيهِمْ: «لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ، إِلَّا وَقَدْ هَلَكَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ إِلَّا أَنَا، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كَذَبْتُ، فَأَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ فَأَبْصِرِي الطَّرِيقَ» قَالَتْ: فَقُلْتُ قَدْ ذَهَبَ الْحَاجُّ وَانْقَطَعَ الطَّرِيقُ، فَكُنْتُ أَقُومُ عَلَى كَثِيبٍ، فَأَنْظُرُ فَأَرْجِعُ إِلَيْهِ فَأُمَرِّضُهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِنَفَرٍ عَلَى رِحَالِهِمْ، فَأَلَحْتُ إِلَيْهِمْ بِثَوْبِي فَأَسْرَعُوا إِلَيَّ، فَقَالُوا: يَا أَمَةَ اللَّهِ مَا لَكِ؟ قُلْتُ، رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ فَكَفِّنُوهُ.

قَالُوا: وَمَنْ هَذَا قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ قَالُوا: صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ، وَسَلَّمُوا فَرَحَّبَ بِهِمْ وَقَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ: «لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ هَلَكَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ إِلَّا أَنَا، فَأَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَأَنْتُمْ أُولَئِكَ الْعِصَابَةُ، وَلَوْ كَانَ لِي ثَوْبٌ يَسَعُنِي كَفَنًا أَوْ لِامْرَأَتِي لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِي ثَوْبٍ لِي، أَوْ لِأَهْلِي، وَإِنِّي أُنْشِدُكُمْ بِاللَّهِ لَا يُكَفِّنُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ بَرِيدًا، أَوْ عَرِيفًا، أَوْ نَقِيبًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ إِلَّا قَدْ أَصَابَ ذَلِكَ

<<  <   >  >>