للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ: فَأَمَّا إِذَا كَانَ صَادِقًا فَقَدْ زَوَّجْنَاهُ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، وَسَخَطِ رَسُولِهِ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ بِأَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزَّوْجِ وَهُوَ سَعِيدٌ السُّلَمِيُّ: «اذْهَبْ إِلَى صَاحِبَتِكَ فَادْخُلْ بِهَا» ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا أَجِدُ شَيْئًا حَتَّى أَسْأَلَ إِخْوَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْرُ امْرَأَتِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اذْهَبْ إِلَى عَلِيٍّ وَخُذْ مِنْهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ» ، فَأَعْطَاهُ وَزَادَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي السُّوقِ وَمَعَهُ مَا يَشْتَرِي لِزَوْجَتِهِ فَرِحًا قَرِيرَ الْعَيْنِ، إِذْ سَمِعَ صَوْتَ النَّفِيرِ يُنَادِي يَا خَيْلَ اللَّهِ: ارْكَبِي يَعْنِي أَنَّ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي النَّفِيرَ النَّفِيرَ، فَنَظَرَ نَظْرَةً إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِلَهَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَجْعَلَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الْيَوْمَ فِيمَا يُحِبُّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَاشْتَرَى فَرَسًا وَسَيْفًا وَرُمْحًا وَاشْتَرَى مِجَنَّةً وَشَدَّ عِمَامَتَهُ عَلَى بَطْنِهِ وَاعْتَجَرَ فَلَمْ يُرَ إِلَّا حَمَالِيقُ عَيْنَيْهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الْفَارِسُ الَّذِي لَا نَعْرِفُهُ؟ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: كُفُّوا عَنِ الرَّجُلِ فَلَعَلَّهُ مِمَّنْ طَرَأَ عَلَيْكُمْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرَيْنِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَجَاءَ يَسْأَلُكُمْ عَنْ مَعَالِمِ دِينِكُمْ فَأَحَبَّ أَنْ يُوَاسِيكُمُ الْيَوْمَ بِنَفْسِهِ، فَأَقْبَلَ يَطْعَنُ بِرُمْحِهِ وَيَضْرِبُ بِسَيْفِهِ حَتَّى نَامَ بِهِ فَرَسُهُ فَنَزَلَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَتَشَمَّرَ لِلْقِتَالِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَادَ ذِرَاعَيْهِ عَرَفَهُ فَقَالَ: «أَسَعْدٌ أَنْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ: «سَعِدَ جَدُّكَ» فَمَا زَالَ يَطْعَنُ بِرُمْحِهِ وَيَضْرِبُ بِسَيْفِهِ كُلَّ ذَلِكَ يُقَتِّلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِذْ قَالُوا: صُرِعَ سَعْدٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا نَحْوَهُ فَأَتَاهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ بِثَوْبِهِ، وَقَالَ: «مَا أَطْيَبَ رِيحَكَ وَأَحَبَّكَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» .

قَالَ: فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَرَدَ الْحَوْضَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الْحَوْضُ؟ قَالَ: «حَوْضٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي عَرْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى بُصْرَى حَافَّتَاهُ مُكَلَّلَتَانِ بِالدُّرِّ

<<  <   >  >>