للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأعراف: ١٥٦] يَعْنِي لِكُلِّ شَيْءٍ نَصِيبٌ مِنْ رَحْمَتِي

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ الآيَةُ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] تَطَاوَلَ إِبْلِيسُ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ وَقَالَ: أَنَا شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ لِي نَصِيبٌ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَتَطَاوَلَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [الأعراف: ١٥٦] يَعْنِي سَأَجْعَلُ رَحْمَتِي لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، يَعْنِي يُعْطُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ.

يَعْنِي يُصَدِّقُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ.

فَيَئِسَ إِبْلِيسُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ نَتَّقِي الشِّرْكَ وَنُؤْتِي الزَّكَاةَ وَنُؤْمِنُ بِآيَاتِهِ.

ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} [الأعراف: ١٥٧] يَعْنِي الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَئِسَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَبَقِيَتِ الرَّحْمَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً.

فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَجَعَلَ اسْمَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يَتَجَاوَز عَنْ ذُنُوبِهِ كَمَا رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِلَهِي قَدْ أَنْزَلْتَ إِلَيْنَا رَحْمَةً وَاحِدَةً، وَأَكْرَمْتَنَا بِتِلْكَ الرَّحْمَةِ، وَهِيَ الْإِسْلَامُ، فَإِذَا أَنْزَلْتَ عَلَيْنَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَكَيْفَ لَا نَرْجُو مَغْفِرَتَكَ.

وَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِلَهِي إِنْ كَانَ ثَوَابُكَ لِلْمُطِيعِينَ، وَرَحْمَتُكَ لِلْمُذْنِبِينَ، فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ لَسْتُ مُطِيعًا لَا أَرْجُو ثَوَابَكَ فَأَنَا مِنَ الْمُذْنِبِينَ، فَأَرْجُو رَحْمَتَكَ.

وَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِلَهِي خَلَقْتَ الْجَنَّةَ وَجَعَلْتَهَا وَلِيمَةً لِأَوْلِيَائِكَ، وَآيَسْتَ الْكُفَّارَ مِنْهَا وَخَلَقْتَ مَلَائِكَتَكَ غَيْرَ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهَا، وَأَنْتَ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْطِنَا الْجَنَّةَ فَلِمَنْ تَكُونُ الْجَنَّةُ

٧٥ - حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ مَا عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، قَالَ لِأَهْلِهِ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: إِذَا

<<  <   >  >>