للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفتقر إليه على الأيام، وكثيرا ما يستغني به عن السيف، وإذا سئل عن الملوك الذين غبرت أيامهم لا يوجد منهم من حسن اسمه من بعده، إلا من حظي بكاتب خطب عنه، وفخم أمر دولته، وجعل ذكرها خالدا يتناقله الناس،؛ رغبة في فصل خطابه، واستحسانا لبداعة كلامه، فيكون ذكرها في خفارة ما دونه قلمه، ورقمته أساطيره.

وليس الكاتب بكاتب حتى يضطر عدو الدولة أن يروي أخبار مناقبها في حفله، ويصبح ولسانه حامد لمساعيها وبقلبه ما به من غله.

ولقد أحسن أبو تمام في هذا المعنى حيث قال:

سأجهد حتى أبلغ الشعر شأوه ... وإن كان طوعا لي ولست بجاهد

فإن أنا لم يحمدك عني صاغرا ... عدو فاعلم أنني غير حامد١

وهذا الذي ذكرته حق وصدق، لا ينكره إلا جاهل به، وأنا أسأل الله الزيادة من فضله، وإن لم أكن أهلا له فإنه هو من أهله.

ووقفت على كلام لأبي إسحاق الصابي في الفرق بين الكتابة والشعر، وهو جواب لسائل سأله، فقال: إن طريق الإحسان في منثور الكلام يخالف


١ من قصيدته في مدح أبي الحسين محمد بن الهيثم بن شبانة التي مطلعها:
قفوا جددوا من عهدكم بالمعاهد ... وإن هي لم تسمع لنشدان ناشد
"الديوان ٢/ ٧٧".
يروى بالديوان "كان لي طوعا وكان طوعا لي" يريد أن قصائده في مدح أبي الحسين يعجب بها أعداؤه فيروونها، فإن أنشدوها فكأنهم قد حمدوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>