للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعطي رأيها في المسائل السياسية والاقتصادية، وغيرها من الأمور التي تهم الأمة، فالمرأة يجوز أن تشاور ولكن في مجال اختصاصها، أو فيما يتعلق بشؤون النساء، أو في الأمور الخاصة عدا ما يتعلق بالأمور والولايات العامة، ويشترط ألا يؤدي ذلك إلى خلوة محرمة أو اختلاط.

وما فعلته أم سلمة -رضي الله عنها- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه أنها كانت في مجلس شورى أبدت فيه رأيها الحكيم، إنما زوج شكى لزوجه ما لقيه، يدل على ذلك لفظ الحديث، فأشارت عليه بالرأي السديد، ولا يمانع أحد من أن يشاور الحاكم زوجته فيما يلقاه إن كانت ذات رأي سديد كأم سلمة، قال السهيلي في الروض الأنف: «وفيه أيضًا إباحة مشاورة النساء، وذلك أن النهي عن مشاورتهن إنما هو عندهم في أمر الولاية خاصة» (١).

والرسول -صلى الله عليه وسلم- استشار بريرة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك عن سيرة أم

المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- الطاهرة المطهرة (٢).

• وقد أجاب الدكتور محمد أبو حجير عن هذا الاستدلال بقوله: «إن مقام استشارته -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة في أمر المسلمين كان بصفته إمامًا حاكمًا للمسلمين، وليس رسولًا مبلغًا شرع الله؛ لأنه لو كان في هذه المسألة رسولًا مبلغًا لانصاع المسلمون ابتداءً، وهو ما لم يكن، فيكون الاستدلال بهذه الحادثة مردودًا؛ لأنها ليست تشريعًا صادرًا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوجب فيه على الحكام الاستعانة بآراء النساء السياسية، أو تقليدهن واليات على أمور المسلمين من نحو توليتهن على الوزارات التنفيذية أو


(١) الروض الأنف (٦/ ٤٩٢).
(٢) صحيح البخاري كتاب التفسير، باب: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} النور: ١٢ (٤/ ١٧٧٤) ٤٤٧٣.

<<  <   >  >>