للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكيف القاعدة لروح القاعدة في ضوء فائدتها بالنسبة للناس، ولكن كل الناس متساوون بدرجة مطلقة ويدرك الطفل -في مرحلة لاحقة- الأمور اللازمة لتحقيق العدالة الحقيقية، ولا يعتدي على أحد زملائه، لا يشاغب ولا يخرج على النظام، ولا يفتري على غيره ... إلخ.

ولا يعتبر الانتقال من التقبل المطلق للقواعد الموضوعية إلى تعديل هذه القواعد أمرًا بسيطا، فالأطفال لا يتمثلون القواعد، والأحكام الخلقية، المعنوية التي تنتقل من حين لآخر على أنها مبادئ جاهزة الصنع، فكل طفل ينبغي أن "يعالج" هذه المبادئ بحيث تتكامل داخل حياته الخاصة في إطار حاجته الفردية وتوحده مع غيره من الناس في بيئته واحترامه لهم.

فكثير من الأحكام الخلقية للأطفال في سن المرحلة الابتدائية وتكون في صراع مع أحكام والديهم أو مع الجماعة الثقافية المحيطة بهم ككل، ويرجع هذا إلى أن الأطفال لم يجعلوا هذه الأحكام والقواعد جزءًا من تكوينهم الذاتي العميق، والمعروف أن الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وفي مرحلة المدرسة الابتدائية يكون لديهم مقدرة محدودة لتوسيع نطاق توحدهم أو تقمصهم مع الأشخاص الآخرين أو الاهتمام بهم, ولذلك تكون أحكامهم الخلقية وبدرجة كبيرة، وفي ضوء العالم كما يرى من خلال عيونهم في ضوء مكانة وسلطة والديهم أو فيما بعد، الكبار الآخرين، وكلما تنمو مقدرة الطفل على أن يوحد نفسه مع غيره أو أن يصير مهتمًا بالآخرين تنمو مقدرته على تقدير المواقف على أساس أوسع ويصير أقل اعتمادا على سلطة الراشدين، وحتى في بعض الأوقات أقل اعتمادًا على معظم أحكام زملائه وقواعدهم، وتنمو لديه القدرة على "تقدير" المواقف بنفسه.

وينمي الأطفال بالتدريج ضبطًا كافيًا حيال حفزاتهم البدائية والأنانية حتى يمكنهم من العيش في جماعة بطريقة طيبة، ولا يعني هذا كبت الانفعالات والحوافز المرغوبة أو القيود المستحيلة لأي حافز أساسي، ولكن الدرس الذي ينبغي أن يتعلمه الطفل هو توجيهه للطاقة الانفعالية في مسالك تثبت فائدتها من الناحية الاجتماعية أكثر مما تتسبب عنه من تدمير, وأحد الجوانب اللازمة لنمو الضبط الذاتي هو تعلم مقاومة الإغراء والغواية، ولا يتعلم الأطفال ذلك عن طريق حمياتهم من كل

<<  <   >  >>