للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ، وَقُصُورِهَا عَنْهُ، فَقَدْ تُقَاوِمُهُ قَرِينَةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ قَرِينَتَانِ، فَتَدْفَعُهُ، وَقَدْ لَا تُقَاوِمُهُ إِلَّا جَمِيعُهَا، فَلَا يَنْدَفِعُ بِدُونِهَا.

قَوْلُهُ: «كَتَأْوِيلِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُفَارَقَةَ» ، إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا مِثَالٌ لِدَفْعِ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ بِالْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِالظَّاهِرِ، وَذَلِكَ أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَفِي لَفْظٍ يَتَدَاوَلُهُ الْفُقَهَاءُ قَالَ لَهُ: أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ، وَعَلَيْهِ اتَّجَهَ النِّزَاعُ:

فَالْحَنَفِيَّةُ قَالُوا: إِنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُنَّ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ شَيْئًا، وَإِنْ تَزَوَّجَهُنَّ مُتَعَاقِبَاتٍ، اخْتَارَ مِنَ الْأَوَّلِ أَرْبَعًا، وَتَرَكَ الْبَاقِيَ.

وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا مُطْلَقًا.

وَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، إِذْ ظَاهِرُ الْإِمْسَاكِ فِيهِ اسْتِدَامَةُ نِكَاحِ أَرْبَعَةٍ، وَظَاهِرُ الْمُفَارَقَةِ تَسْرِيحُ الْبَاقِيَاتِ، احْتَاجُوا إِلَى تَأْوِيلِهِ، فَحَمَلُوا الْإِمْسَاكَ عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا بِأَنْ تَبْتَدِئَ نِكَاحَهُنَّ، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ بِأَنْ لَا تَبْتَدِئَ الْعَقْدَ عَلَيْهِنَّ، وَلَوْ ثَبَتَ لَهُمْ هَذَا التَّأْوِيلُ، لَوَافَقَ الْحَدِيثَ مَذْهَبُهُمْ، إِذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>