للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَتَأْوِيلِهِمْ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» عَلَى الْأَمَةِ، ثُمَّ صَدَّهُمْ: «فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» ، إِذْ مَهْرُ الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا، لَا لَهَا فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ، وَهُوَ تَعَسُّفٌ، إِذْ هَذَا عَامٌّ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَكَتَأْوِيلِهِمْ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ عَلَى الْأَمَةِ» ، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَكَتَأْوِيلِ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ أَيْ: أَيْضًا مِنْ أَمْثِلَةِ دَفْعِ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ بِقَرَائِنِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى بَعْضِ مَنَافِعِهَا، فَاسْتَقَلَّتْ بِهِ، كَإِجَارَةِ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ صَرِيحًا فِي اشْتِرَاطِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ، احْتَاجُوا إِلَى دَفْعَةٍ عَنْهُمْ بِالتَّأْوِيلِ، فَحَمَلُوهُ عَلَى الْأَمَةِ، لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي نَفْسِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَيْسَتِ الْحُرَّةُ مُرَادَّةً مِنَ الْحَدِيثِ «ثُمَّ صَدَّهُمْ» عَنْ إِطْلَاقِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ: فَإِنْ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنَّهُ أَضَافَ الْمَهْرَ إِلَيْهَا بِلَامِ التَّمْلِيكِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مَلَكَهَا، وَالْأَمَةُ لَا تَمْلِكُ مَهْرَهَا، بَلْ هُوَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا، فَخَصَّصُوا التَّأْوِيلَ، وَحَمَلُوهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ، لِأَنَّ فِيهَا شَوْبًا مِنَ الرِّقِّ، فَلَا تَسْتَقِلُّ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهَا، كَالْأَمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>