للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا انقطع بيضها، وكذلك يقال له: أجبل، كما يقال لحافر البئر إذا بلغ جبلاً تحت الأرض لا يعمل فيه شيء: أجبل، ومثل أجبل: أكدى، إلا أنهم خصوا به العطاء، وذلك أن يصادف حافر البئر كدية فلا يزيد شيئاً على ما حفر، ويقال: أفحم الشاعر على أفعل، قالوا: وهو من فحم الصبي إذا انقطع صوته من شدة البكاء، فإن ساء لفظه وفسدت معانيه قيل له: أهتر فهو مهتر. وقد قيل في الذبياني: إنه إنما كان شعره نظيفاً من العيوب لأنه قاله كبيراً، ومات عن قرب، ولم يهتر.. وأكثر ما جاء الإهتار في صفة الكبير الذي يختلط كلامه وقولهم في شعر النابغة إنه قاله وهو كبير يدل على أنه بهذا سمي نابغة كما عند أكثر الناس، لا لقوله:

فقد نبغت لنا منهم شئون.

كما تقدم من قول بعضهم. ويقال: أخلى الشاعر، كما يقال أخلى الرامي، إذا لم يصب معنى.

حكي عن البحتري أنه قال: فاوضت ابن الجهم علياً في الشعر، وذكر أشجع السلمي فقال: إنه كان يخلى، فلم أفهمها عنه، وأنفت أن أسأله عنها، فلما انصرفت فكرت فيها، ونظرت في شعر أشجع، فإذا هو ربما مرت له الأبيات مغسولة ليس فيها بيت رائع.

ثم إن للناس فيما بعد ضروباً مختلفة: يستدعون بها الشعر، فتشحذ القرائح وتنبه الخواطر، وتلين عريكة الكلام، وتسهل طريق المعنى: كل امرئ على تركيب طبعه، واطراد عادته، وسيأتي ذلك في أقاويل العلماء بما أرجو أن تكون فيه هداية إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>