للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتنفَّلُ قاعداً مع قدرةِ قيامِه ابتداءً، وكُرِهَ بقاءً إلاَّ بعذر، وراكباً مومِئاً خارج المصرِ إلى غيرِ القبلة، فلو افتتحَهُ راكباً، ثُمَّ نَزَلَ بنى

أربعَ ركعاتٍ من النَّفل، ولم يقعدْ في وسطِه، وكان ينبغي أن يفسدَ الشَّفعُ الأوَّل، ويجبُ قضاؤه؛ لأنَّ كلَّ شفعٍ من النَّفل صلاةٌ (على حدة) (١)، ومع ذلك لا يفسدُ الشَّفعُ الأَوَّل قياساً على الفرض.

(ويتنفَّلُ قاعداً مع قدرةِ قيامِه ابتداءً، وكُرِهَ (٢) بقاءً إلاَّ بعذر): أي إن قَدِرَ على القيام يجوزُ أن يشرعَ في النَّفل قاعداً، وإن شَرَعَ في النَّفلِ قائماً كُرِهَ أن يقعدَ فيه مع القدرةِ على القيام (إلاَّ بعذر) (٣)، فأرادَ بحالِ الابتداءِ حالَ الشُّروع، وبحالِ البقاءِ حالَ وجودِهِ الذي بعد الشُّروع.

(وراكباً مومِئاً خارج المصرِ إلى غيرِ القبلة)، إنِّما قال: خارجَ المصر بقولِ ابنِ عمرَ- رضي الله عنهم -: «رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي على حمار، وهو متوجِّهٌ إلى خيبرَ يومئُ إيماءً» (٤)، ولَمَّا كان هذا الفعلُ مخالفاً للقياسِ اقتصرَ على موردِه (٥)، (فلو افتتحَهُ راكباً، ثُمَّ نَزَلَ بنى،


(١) زيادة من أ و ب و س.
(٢) جزم المصنف - رضي الله عنه - بكراهة النفل قاعداً إذا شرع فيه قائماً مع قدرته على القيام إلا بعذر، وتابعه الشارح في «شرحه» عليه، وفي «النقاية» (ص ٢٩)، وصاحب «المختار» (١: ٩١)، و «الملتقى» (ص ١٩) و «درر الحكام» (١: ١١٨)، ولكن صاحب قال «الدر المختار» (١: ٤١٨): الأصح لا كراهة فيه، تبعاً لصاحب «البحر» (١: ٦٨)، وهو اختيار صاحب «بداية المبتدي» (ص ١٨)، و «الكنْز» (ص ١٧)، «المنية» (ص ٩٧). هذا عند الإمام، وأما عند الصاحبين فلا يجوز إلا بعذر. ينظر: «مختصر القدوري» (ص ١٢).
(٣) زيادة من أ و ص.
(٤) عن ابن عمر، قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار، وهو متوجِّه إلى خيبر، في «صحيح مسلم» (١: ٤٨٨)، واللفظ له، و «صحيح ابن حبان» (٦: ٢٦١ - ٢٦٢)، و «سنن أبي داود» (٢: ٩)، وغيرها، ولم يذكر فيها يومئ إيماءً، وفي «صحيح البخاري» (١: ٣٣٩) وغيره: عن ابن عمر قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته. ا. هـ. وقال يحيى بن سعيد: رأيت أنس بن مالك في السفر، وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غيرِ القبلةِ يركعُ ويسجدُ إيماء من غير أن يضعَ وجهه على شيء في «موطأ مالك» (١: ١٥١)، و «مصنف عبد الرزاق» (٢: ٥٧٦)، وذكر صاحب «نصب الراية» (٢: ١٥١)، و «الدراية» (١: ٢٠٣) طرقاً للحديث موافقة للفظ الشارح.
(٥) أي لما ثبت أداء النفل إلى غير القبلة من الشارع وهو خلاف الأصول؛ لكونه مخالفاً لنصوص افتراض استقبال القبلة اقتصر ذلك على الموضع الذي ورد فيه، وهو أداء النفل خارج المصر، ولم يتعدّ هذا الحكم إلى أداء النفل في المصر، وكذا إلى الفرائض. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>