للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللمنفقِ حبسُها لأخذِ نفقتِه، فإن هلكتْ بعد حبسه سقطت، وقبلَهُ لا، فإن بيَّنَ مُدَّعيها علامتَها حلَّ الدَّفع، ولا يجبُ بلا حجَّة، وينتفعُ بها فقيراً وإلاَّ تصدَّق، ولو على أصلِه، وفرعِه، وعرسِه

إنِّما قال في الأصحَّ؛ لأنَّ هنا رواية أُخرى، وهي أن الآمر بالإنفاق يكفي لولايةِ الرُّجوعِ على صاحبِها، لكنَّ الأصحَّ أنَّه لا يكفي، بل لا بُدَّ أن يشترطَ الرُّجوع، والضُّميرُ في قولِهِ: إن كان هوالأصلح يرجعُ إلى الآمرِ بالإنفاق، وشرط الرُّجوع.

(وللمنفقِ حبسُها لأخذِ نفقتِه): أي نفقةِ المنفق، (فإن هلكتْ بعد حبسه سقطت (١)): أي النَّفقة؛ لأنَّه إذا حبسَها للنَّفقة صارتْ كالرَّهن، وهو مضمونٌ بالدَّين، (وقبلَهُ لا): أي إن هلكت قبل الحبسِ لا تسقطُ النَّفقة.

(فإن بيَّنَ مُدَّعيها علامتَها حلَّ الدَّفع، ولا يجبُ بلا حجَّة): هذا عندنا، وعند الشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - يجبُ الدَّفعُ إن بيَّنَ العلامة، (وينتفعُ بها فقيراً وإلاَّ): أي وإن يكنْ المُلْتَقِطُ (٣) فقيراً، (تصدَّق، ولو على أصلِه، وفرعِه، وعرسِه).

* * *


(١) هكذا ذكرَ في «الهداية» (٢: ١٧٧)، قال في «الفتح» (٥: ٣٥٦): لم يحك فيه خلاف، وكذا حافظُ الدِّين في «الكافي» أيضاً، فيفهم أنّه المذهب، وجعلَ القُدُورِيُّ هذا قولَ زفر - رضي الله عنهم -، وحكى في «الينابيع» عن علمائنا الثّلاثة عدمَ السُّقوط، ووجَّهه أنّ الدّينَ ثابتٌ وليست العينُ الملتقطة رهناً ليسقطَ بهلاكها. انتهى. ونقل الشُّرُنْبُلاليُّ [في «حاشيته على الدرر» (٢: ١٣١)] عن العلاّمة قاسم بن قُطْلُوبُغَا: إنّ ما في «الهداية» (٢: ١٧٧) ليس مذهباً لأحدٍ من علمائنا الثّلاثة، وإنّما هو قولُ زفر - رضي الله عنهم - ولا يساعده الوجه. وقال المقدسي: ويمكن أن يكون عن علمائنا فيه رواية أو اختار صاحب «الهداية» قول زفر - رضي الله عنه -. ينظر: «رد المحتار» (٣: ٣٢٢).
(٢) قال صاحب «المنهاج» (٢: ٤١٦): إذا ادّعاها رجل ولم يصفها ولا بينة لم تدفع إليه، وإن وصفها وظنّ صدقه جاز الدفع إليه، ولا يجب على المذهب. وينظر: «مغني المحتاج» (٢: ٤١٦)، و «التنبيه» (ص ٩٠)، وغيرها.
(٣) زيادة من ب و س و ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>