للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقةً، ويقبلُ فيما لا يسقطُ بشبهة إذا شُهِدَ به عنده كالدَّين، والعقار، والنِّكاح، والنَّسب، والمغصوب، والأمانة والمضاربةِ المجحودتين

حقيقةً (١)، ويقبلُ فيما لا يسقطُ بشبهة): أي فيما سوى الحدودِ والقصاص، (إذا شُهِدَ به عنده كالدَّين، والعقار، والنِّكاح، والنَّسب، والمغصوب، والأمانة والمضاربةِ المجحودتين)، فإنَّ الأمانةَ، ومالَ المضاربةِ إذا لم يُجحدا لا يُحتاجُ إلى كتابِ القاضي، وإذا جُحِدا صارا مغصوبين، وفي المغصوبِ تجب القيمةُ، وهي دينٌ، فيجري فيه الكتابُ الحكمي، إذ لا احتياجَ إلى الإشارةِ، بل يعرفُ بالصّفةِ بخلافِ العينِ المنقولة، فإنَّهُ يَحْتاجُ فيها إلى الإشارة، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وكذا عند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - إلاَّ في العبدِ الآبقِ فيقبلُ فيه.

وقد ذَكَرَ في كيفيّتِهِ هكذا: يكتبُ قاضي بُخارَا إلى قاضي سَمَرْقَنْدَ: إنّ فلاناً وفلاناً شهدا عندي أن عبدَ فلانٍ المسمَّى بالمباركِ الذي حليتُهُ كذا وكذا، أَبِقَ من مالكِهِ ووقعَ بسَمَرْقَنْدَ في يدِ فلانٍ إلى آخرِ الكتاب، ويختمُه، فإذا وصلَ إلى قاضي سَمَرْقَنْدَ يُحْضِرُ الخصمَ مع العبد، ويفتَحُهُ بشرائطِه، فإن لم يكنْ حليتُهُ كما كَتَبَ يَتْرُكُهُ، وإن كانَ فالخصمُ إن ذَهَبَ (مع العبدِ) (٢) إلى بُخارا فبها، وإلا فيُسَلِّمُ العبدَ إلى المدَّعي لا على وجهِ القضاء، ويأخذُ منه كفيلاً بنفسِ العبد، ويَجْعَلُ في عنقِهِ شيئاً، ويختِمُهُ صيانةً عن التَّبديلِ عند شهادةِ الشُّهود، ويكتبُ إلى قاضي بُخارا جوابَ كتابِهِ، وأنَّه أرسلَ إليه العبد.

فإذا وصلَ إليه الكتابُ يُحْضِرُ الشُّهودَ الذين شهدوا في غيبةِ العبد؛ ليشهدوا في حضورِه، ويشيروا إليه أنَّهُ ملكُ المدَّعي، لكن لا يحكم؛ لأنَّ الخصمَ غائب، ثُمَّ يَكْتُبُ إلى قاضي سَمَرْقَنْدَ أن الشُّهُودَ شهدوا بحضورِه؛ ليحكمَ قاضي سَمَرْقَنْدَ على الخصم، ويبرأُ الكفيلُ عن كفالتِه.


(١) العلومُ الخمسةُ شرطُ جواز كتاب القاضي إلى القاضي، وهو أن يكون الكتاب:
من معلوم: وهو القاضي الكاتب.
إلى معلوم: وهو القاضي المكتوب إليه.
في معلوم: وهو المدَّعى به.
لمعلوم: وهو المدّعي.
على معلوم: وهو المدّعي عليه. ينظر: «الفتاوى العالمكيرية» (٣: ٣٨٦).
(٢) زيادة من ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>