للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يُقْضَى على غائبٍ إلاَّ بحضرةِ نائبِهِ حقيقةً: كالوكيل، أو شرعاً كوصيِّ القاضي، أو حُكْماً بأن كان ما يُدُّعى على الغائبِ سبباً لِمَا يَدَّعى على الحاضر، فإن كان شرطاً لا يصحُّ، ويقرضُ مالَ اليتيم، ويكتبُ ذِكْرَ الحقّ

عامداً ففيه روايتان، وعندهما لا يَنْفُذُ في الوجهينِ؛ لأنَّه قضى بما هو خطأٌ عنده، والفتوى على قولِهما.

(ولا يُقْضَى على غائبٍ إلاَّ بحضرةِ نائبِهِ حقيقةً: كالوكيل، أو شرعاً كوصيِّ القاضي، أو حُكْماً بأن كان ما يُدُّعى على الغائبِ سبباً لِمَا يَدَّعى على الحاضر)، كما إذا ادَّعى داراً على رجلٍ أنَّه اشتراها من فلانٍ الغائبِ، فأقامَ البيِّنةَ على ذي اليد، فإنَّ القاضي يقضي بهذه البيِّنةِ على الحاضرِ والغائبِ جميعاً حتَّى لو حضرَ الغائبُ وأنكرَ لا يلتفتُ إلى إنكارِه.

(فإن كان شرطاً لا يصحُّ): أي إن كان ما يدَّعي على الغائبِ شرطاً لِمَا يَدَّعي على الحاضرِ، كما إذا ادَّعى عبدٌ على مولاهُ أنَّه علَّقَ عتقَهُ بتطليقِ زيدٍ زوجتَه، وأقامَ بيِّنةً على التَّطليقِ بغيبةِ زيدٍ، اختلفَ فيه المشايخُ (١) - رضي الله عنه - والصَّحيحُ أنَّه لا يُقْبَلُ، وإنِّما يقبلُ في السَّببِ دونَ الشَّرطِ؛ لأنَّ السَّببَ أصلٌ بالنسبةِ إلى المسببِ فيكون الحاضرُ نائباً عن صاحبِ السَّبب، وهو الغائبُ كالوكيل، ولا كذلك إذا كان شرطاً، وإنِّما لا يقضي عن الغائبِ في صورةِ الشَّرطِ إذا كان فيه إبطالُ حقِّ الغائبِ، أمَّا إذا لم يكنْ كما إذا علَّق طلاقَ امرأتِهِ بدخولِ زيدٍ في الدَّارِ تُقْبَل.

(ويقرضُ مالَ اليتيم، ويكتبُ ذِكْرَ الحقّ)، يجوزُ للقاضي إقراضَ مالِ اليتيم (٢)؛ لأنَّه محافظةٌ، والقاضي قادرٌ على أخذِهِ متى شاء، ولا يجوزُ للوصيّ؛ لعدم قدرتِهِ على الأخذِ، وكذا الأبُ في الأصحّ (٣)، فلو فعل يَضْمَن، وإذا أقرضَ القاضي كتبَ في ذلك وثيقةً.


(١) مثل: بعض المتأخّرين كفخرِ الإسلام - رضي الله عنه - والأُوزْجَنْدِيّ - رضي الله عنه - أنّهم أفتوا فيه بانتصابِ الحاضرِ خصماً، فالشرطُ عندهم كالسَّبب؛ لأنَّ دعوى المدّعي كما يتوقَّفُ على السبب كذلك يتوقَّفُ على الشرط. ينظر: «الفتح» (٦: ٤٠٣).
(٢) وينبغي أن يشترطَ لجوازِ إقراض القاضي عدمُ وصيٍّ اليتيم، فإن كان له وصيٌّ، ولو منصوبَ القاضي لم يجزْ؛ لأنّه من التصرُّفِ في ماله، وهو ممنوعٌ عنه مع وجودِ وصيّة. ينظر: «القُنْية» (١٩٦/ب). «جامع الفصولين» (٢: ١٨). «البحر» (٧: ٢٣).
(٣) لعجزِهِ عن الاستخراج، وفي رواية: إنّه كالقاضي؛ لأنَّ ولايةَ الأبِ تعمُّ النفسَ والمال، كولايةِ القاضي، وشفقتُهُ تمنعُهُ من تركِ النظر له، والظاهرُ أنّه يقرضُهُ ممّن يأمن جهوده. ينظر: «المنح» (ق ٢: ١٠٧/ب). «الرمز» (٢: ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>