للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضاء, وإنما بنوه على التفعيل؛ لأنه للتكثير، كقوله تعالى: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} ١، وقوله: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} ٢, فكأنه يتبع سورة بعد سورة، وآية بعد آية.

وقال الراغب: الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما، لكل جُعِل الفسر لإظهار المعنى المعقول، وجُعل السفر لإبراز الأعيان للأبصار، فقيل: سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر الصبح.

والتفسير في الاصطلاح: عرَّفه أبو حيان بأنه: "علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك".

ثم خرَّج التعريف فقال: فقولنا: "علم"، هو جنس يشمل سائر العلوم، وقولنا: "يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن"، هذا هو علم القراءات، وقولنا: "ومدلولاتها" أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا هو علم اللغة الذي يُحتاج إليه في هذا العلم، وقولنا: "وأحكامها الإفرادية والتركيبية"، هذا يشمل علم التصريف وعلم الإعراب، وعلم البيان، وعلم البديع، وقولنا: "ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب"، يشمل ما دلالته عليه بالحقيقة، وما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئًا ويصد عن الحمل على الظاهر صاد فيحتاج لأجل ذلك أن يعمل على غير الظاهر، وهو المجاز، وقولنا: "وتتمات لذلك". هو معرفة النسخ وسبب النزول، وقصة توضيح بعض ما انبهم في القرآن ونحو ذلك.

وقال الزركشي: التفسير: علم يُفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد, صلى الله عليه وسلم: وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه٣.


١ البقرة: ٤٩.
٢ يوسف: ٢٣.
٣ "الإتقان" جـ٢ ص١٧٤.

<<  <   >  >>