للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتأويل في عرف المتأخرين: هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به - وهذا الاصطلاح لا يتفق مع ما يُراد بلفظ التأويل في القرآن عند السَّلف.

هذا ومن العلماء من يفرق بين المعنى، والتفسير، والتأويل، للتفاوت بينها لغة وإن كانت متقاربة، وقد نقل "الزركشي" هذا١.

قال ابن فارس: معاني العبارات التي يعبر بها عن الأشياء ترجع إلى ثلاثة: المعنى، والتفسير, والتأويل، وهي وإن اختلفت فالمقاصد بها متقاربة:

فأما المعنى: فهو القصد والمراد، يقال: عنيت بهذا الكلام كذا، أي قصدت وعمدت، وهو مشتق من الإظهار، يقال: عنت القِربة، إذا لم تحفظ الماء بل أظهرته، ومن هذا: عنوان الكتاب.

وأما التفسير في اللغة: فهو راجع إلى معنى الإظهار والكشف. وقال ابن الأنباري: قول العرب: فسرت الدابة وفسرتها، إذا ركضتها محصورة لينطلق حصرها، وهو يؤول إلى الكشف أيضًا. فالتفسير كشف المغلق من المراد بلفظه، وإطلاق للمحتبس عن الفهم به.

وأما التأويل: فأصله في اللغة من الأول، ومعنى قولهم: ما تأويل هذا الكلام؟ أي إلام تؤول العاقبة في المراد به؟ كقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} ٢, أي تُكشف عاقبته، ويقال: آل الأمر إلى كذا، أي صار إليه، وقال تعالى: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} ٣, وأصله من المآل, وهو العاقبة والمصير, وقد أولته فآل- أي صرفته فانصرف فكأن التأويل صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني. وإنما بنوه على التفعيل للتكثير.


١ انظر "البرهان" جـ٢ ص١٤٦ بتصرف.
٢ الأعراف: ٥٣.
٣ الكهف: ٨٢.

<<  <   >  >>