للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَكَلَ مِنْ هَدْي تَطَوُّعٍ ومُتْعَةٍ وقِرَانٍ فَقَط، وخُصَّا بِيَوْمِ النَّحْرِ لا غَيْرُهُمَا، والكُلُّ بالحَرَمِ

===

المذكورة في باب الأُضحية. والثَّنِي ـ بالكسر ـ من الإِبل: ما له خمس سنين وطعَن في السادسة، ومن البقر: ما له سنتان وطعن في الثالثة، ومن الغنم ما له سنة وطعن في الثانية. والجَذَع ـ بفتح الجيم والذال المعجمة ـ: ما أَتى عليه أَكثر السَّنة، وإِنَّما يجوز إِذا كان عظيماً. وتفسيره أَنه لو خُلِط بالثنايا اشتبه على النَّاظر أَنَّه منها.

(وأَكَلَ) استحباباً (مِنْ هَدْي تَطَوُّعٍ ومُتْعَةٍ وقِرَانٍ) لما في حديث جابر: ثُم أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنةٍ بِبَضْعَةٍ فجعلت في قِدْرٍ، فأَكلا ـ أَي النبيّ صلى الله عليه وسلم والولي ـ من لحمها، وشرِبا مِنْ مَرَقِها، ولأَنها دماءُ نُسُك كالأُضحية (فَقَط) أَي لا يجوزُ أَنْ يأْكل من غير هذه الهدايا، لأَنها دماء كفَّارَات.

(وخُصَّا) أَي هَدْي المتعة والقِرَان (بِيَوْمِ النَّحْرِ) أَي بأَيَّامه، لقوله تعالى: {فكُلُوا مِنها وأَطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ ثُمَّ ليقضُوا تفَثَهُم وليُوفُوا نُذُورَهُم وليَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العَتِيقِ} (١) ، وقضاء التَّفَث والطواف مختصّان بيوم النحر، فيكون الأَكل كذلك، ولأَنهما دما نُسُكٍ فيختصان بيوم النَّحْر كالأُضحيةِ. والمراد بالاختصاص من حيث الوجوبُ على قول أَبي حنيفة، وإِلاَّ لو ذبح بعد أَيام النَّحْر أَجزأَ إِلاَّ أَنه تاركٌ للواجب، وقَبْلَها لا يجزاء بالإِجماع. وعلى قولهما كذلك في القَبْلي، وكونه فيها هو السُّنة السّنية.

(لا غَيْرُهُمَا) أَي لا يختص هَدْيُ غير المتعة والقِران بيوم النحر، بل يجوز فيه وفي غيره. أَما هديُ الكفارة فلأَنه وجب لجبر النقصان فكان التعجيل به أَولى. وأَما هَدْيُ التَّطوع فلأَن القربة فيه باعتبار أَنه هَدْي، وذلك يتحقق بالبلوغ إِلى الحرم ولا يتوقف على يوم النحر، لكن الأَفضل ذَبْحه فيه، لأَن معنى القربة في إِراقة الدم فيه أَظهر، وهذا هو الذي في «الأَصل». وذكر القُدُورِي أَنَّ دم التطوع يختص بأَيام النحر، كدم المتعة والقِرَان لأَنه نُسُك مثله.

(والكُلُّ) أَي وخُصَّ ذَبْحُ كُلِّ هدي تَطَوُّعاً أَوْ غيره (بالحَرَمِ) لقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ} (٢) في جزاء الصيد، فكان أَصلاً في كلِّ دم وجب كفارةً، وقوله تعالى في دم الإِحصار: {حتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه} (٣) مع قوله تعالى في الهدايا مطلقاً: {ثُمَّ


(١) سورة الحج، الآية: (٢٩).
(٢) سورة المائدة، الآية: (٩٥).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>