للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هوذة بن علي زعيم اليمامة عقب فتح مكة (١). وادعى أنه يوحى إليه واتخذ له محرابا ومؤذنا اسمه حجير وجعل الصلاة ثلاثة أوقات في اليوم في الصبح والظهر والعشاء (٢) وحدد النسل بابن واحد، ويروي الجاحظ أن مسيلمة كان قبل ادعاء النبوة يدور في أسواق العرب يتعلم الحيل والنيرنجات واختيارات النجوم والمتنبئين، حتى أحكم حيل السدنة والحواة وأصحاب الزجر والحظ ومذهب الكاهن العياف والساحر وصاحب الجن الذي يزعم أن معه تابعه (٣). وقد نقلت المصادر عن مسيلمة ما ادعاه من آيات عارض بها القرآن، وأسلوبها ينم عن ركاكة، ولعلها من وضع الأخباريين لذلك من الصعب اعتمادها لمعرفة مبادئه العقدية (٤). وقد التف حوله أكثر بني حنيفة فمنهم من تبعه جهلا وتصديقا وهم العوام ومنهم من تبعه عصبية وهم الخاصة (ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر).

وتعاظم أمره بعد قدوم الرجال بن عنفوه من المدينة إلى اليمامة، وكان الرجَّال قد تعلم القرآن وتفقه بالدين، فلما رأى بني حنيفة يتابعون مسيلمة انسلخ من الاسلام وأظهر تصديقه لمسيلمة، فكانت فتنته للناس أعظم من فتنة مسيلمة.

وراسل مسيلمة النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر العام العاشر بعد حجة الوداع قائلا: "إني قد أشركت في الأمر معك وان لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض" (٥)، ولما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم زاد نفوذ مسيلمة وتحالف


(١) البلاذري: فتوح البلدان ١: ١٠٥.
(٢) البلاذري: فتوح البلدان ١: ١١٨، وأبو الفرج الأصفهاني: الأغاني ٢١: ٣٧، وابن طباطبا: الفخري في الآداب السلطانية ٧٤.
(٣) الجاحظ: كتاب الحيوان ٤: ٣٦٩، ٣٧٠.
(٤) انظر عنها إحسان صدقي العمد: حركة مسيلمة الحنفي ٣٦ - ٤٠.
(٥) ابن هشام: السيرة النبوية ٦٠٠، وابن سعد: الطبقات الكبرى ١: ٢٧٣. ويقصد بنصف

<<  <   >  >>