للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ، لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَفْعَلْ عَنْهُ وَلَا فِدْيَةَ، وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِلْكِبَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

«أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ صَوْمِي عَنْ أُمِّكِ» . قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ، وَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَصُومَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ، فَإِنْ تَنَازَعُوا فَفِي فَوَائِدِ الْمُهَذَّبِ لِلْفَارِقِيِّ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ.

(وَ) عَلَيْهِ (لَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) أَيْ الْقَرِيبِ أَوْ بِإِذْنِ الْمَيِّتِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا (صَحَّ) قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ وَالصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ يَوْمًا وَاحِدًا أَجْزَأَهُ. قَالَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَمَا يُوَفِّي دِينَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْحَجِّ أَنَّهُ يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ مُشْكِلٌ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَجَّ يَدْخُلُهُ الْمَالُ فَأَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ. وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ قِيَاسُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَجِّ.

(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يُفْعَلْ) ذَلِكَ (عَنْهُ وَلَا فِدْيَةَ) لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) فِي الْبُوَيْطِيِّ إنَّهُ يُعْتَكَفُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفٌّ وَمَنْعٌ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ مُدًّا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُ مَا نَقَلَهُ الْبُوَيْطِيُّ فِي الصَّلَاةِ فَيُطْعَمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ عَنْ الْمَيِّتِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ تَبَعًا لِلْحَجِّ، وَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا فَإِنَّ الْبَغَوِيَّ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: إنْ قُلْنَا لَا يُفْرَدُ الصَّوْمُ عَنْ الِاعْتِكَافِ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقُلْنَا بِصَوْمِ الْوَلِيِّ، فَهَذَا يَعْتَكِفُ عَنْهُ صَائِمًا وَإِنْ كَانَتْ النِّيَابَةُ لَا تُجْزِئُ فِي الِاعْتِكَافِ.

(وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) لِكُلِّ يَوْمٍ بِلَا قَضَاءٍ (عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ نَذَرَ نَذْرَهُ حَالَ قُدْرَتِهِ أَوْ قَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ (لِلْكِبَرِ) لِكَوْنِهِ شَيْخًا هَرِمًا تَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] فَإِنَّ كَلِمَةَ (لَا) مُقَدَّرَةٌ - أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ " بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً، وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ، وَقِيلَ: لَا تَقْدِيرَ فِي الْآيَةِ، بَلْ كَانُوا مُخَيَّرِينَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ فَنُسِخَ ذَلِكَ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ لِأَجْلِ نَفْسِهِ لِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ إذَا مَاتَا قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُ عُذْرِهِ بِخِلَافِهِمَا، وَفِي مَعْنَى الْكَبِيرِ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بِعُذْرٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّوْمُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>