للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن ليس فيها اعتقاد ولا ظن بل تصور محض ولا يجوز أن تكون هي المراد ههنا لأن الفقه تصديق لا تصور.

"الوجه الثاني من الكلام على التعريف" الباء في قوله بالأحكام ولنقدم مقدمة وهي أن علم فعل متعد بنفسه وأما الباء في قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ١ فاحتمل زيادتها واحتمل بأن يكون علم مضمنا معنى أحاط ومما يتنبه له إن علم المتعدية إلى مفعولين لم يدخلوا الباء على واحد من مفعوليها إذا ذكرا صريحين ودخلت على أن وصلتها السادة مسدهما لدلالتها على النسبة التي هي المعلومة وهذا يقوي التضمين ويقوي قول أكثر النحويين أنها سادة مسد المفعولين ويضعف قول من يقدر معها مفعولا ثانيا لأن المفعول الأول لا يدخل عليه الباء وليس هو المعلوم أعني المخبر بعلمه إنما المخبر بعلمه نسبة الثاني إليه وإذا علمت قيام زيد بمعنى أنه قام أو يقوم جاز دخول الباء في المفعول كما يدخل على إن لأن المعلوم فيهما ثبوت النسبة وإذا كانت علم بمعنى عرف جاز دخول الباء على مفعولها وتكون زائدة كقولك عرفته وعرفت به فإن أردت غيره صح أن يكون علم على حقيقتها.

إذا علمت هذا فدخولها في قوله: العلم بالأحكام لا بد منه أما على طريقة التضمين في الفعل فظاهر وأما على طريقة الزيادة في الفعل فلأن المصدر المعرف بالألف واللام ضعيف العمل جدا وإذا ضعف تقوى بالحرف كقوله: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ٢ {وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ٣ وعلى كل تقدير هي متعلقة بالعلم وأما تقدير محذوف يتعلق به كقولنا العلم المتعلق بالأحكام فلا حاجة إليه إلا إذا فسرنا العلم بالصناعة فيظهر تقديره.

"الوجه الثالث قوله بالأحكام" يخرج به العلم بالذوات والصفات الحقيقية والإضافية غير الحكم "والأفعال" وإنما قلنا غير الحكم لأن الحكم الشرعي كلام يتعلق به فهو صفة عرضت لها الإضافة.


١ سورة العلق ١٤.
٢ سورة يوسف عليه السلام ٤٣.
٣ سورة المائدة ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>