للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتعلق بالمعدومات إذا أخبرت عنها مثلا فليس القول صفة لها وإلا لزم قيام الموجود بالمعدوم وأما كون للقديم متعلقا بالحادث فلا يمتنع.

"والنكاح والطلاق ونحوهما معرفات له كالعالم للمصانع".

هذا جواب عن الدليل الثالث وهو قوله: "ومعللا به" أي بالحادث كقولنا حلت بالنكاح وحرمت بالطلاق فأجاب بأن هذه العلل شرعية والعلل الشرعية معرفات لا مؤثرات وكأن الله تعالى قال إذا تزوج فلان بفلانة بشروط كيت وكيت فاعلموا أني حللتها له فإذا وجد النكاح بتلك الشروط عرفنا الإحلال الأزلي ويجوز أن يكون الحادث معرفا للقديم كما أن العالم يعرفنا وجود الباري سبحانه وتعالى ووحدانيته فليس علة له.

واسم الصانع اشتهر على ألسنة المتكلمين في هذا المثال ولم يرد في الأسماء وقرئ في الشواذ: "صنعه الله"١ بالنون فمن اكتفى في الأسماء بورود الفعل يكتفي بمثل ذلك وما ذكره المصنف من الجواب يحسن إيراده على وجهين:

أحدهما: على سبيل المنع ابتداء فيقال لا نسلم أن النكاح والطلاق ونحوهما علل وإنما هي معرفات.

والثاني: على سبيل الاستفسار فيقال إن أردت بالعلل المعرفات فمسلم ولا يفيدك وإن أردت المؤثرات فممنوع والعلة تطلق بمعنى المعرف والداعي والمؤثر والمتكلمون ينكرون المؤثر بناء على أن الأفعال كلها من الله تعالى وهو تعالى فاعل بالاختيار لا مؤثر بالذات ولا وجود للعلة المؤثرة هذا مذهب أهل السنة والحكماء٢ وكثير من المتكلمين غير أن أهل السنة تثبتها وإلا اختلف مدركهم وهذا تمام الأدلة الثلاثة التي قرر بها السؤال الأول.


١ آية ١٣٨ من سورة البقرة وهي قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} وهي القراءة الصحيحة المتواترة.
أما قراءة صنعة الله بالنون فهي قراءة شاذة مروية عن الحجة في القراءات السبع لابن طالون ١/٢٢٨.
٢ المقصود بالحكماء هنا: الفلاسفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>