للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ} [البقرة:١٧٨] الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنها نزلت في الصلح عن دم العمد وهو بمنزلة النكاح، حتى أن ما صلح مسمى فيه صلح هاهنا إذ كل واحد منهما مبادلة المال بغير المال إلا أن عند فساد التسمية هنا يصار إلى الدية لأنها موجب الدم. ولو صالح على خمر لا يجب شيء لأنه لا يجب بمطلق العفو. وفي النكاح يجب مهر المثل في الفصلين لأنه الموجب الأصلي، ويجب مع السكوت عنه حكما، ويدخل في إطلاق جواب الكتاب الجناية في النفس وما دونها، وهذا بخلاف الصلح عن حق الشفعة على مال حيث لا يصح لأنه حق التملك، ولا حق في المحل قبل التملك. وأما القصاص فملك المحل في حق الفعل فيصح الاعتياض عنه وإذا لم يصح الصلح تبطل الشفعة لأنها تبطل بالإعراض والسكوت، والكفالة بالنفس بمنزلة حق الشفعة حتى لا يجب المال بالصلح عنه، غير أن في بطلان الكفالة روايتين على ما عرف في موضعه. وأما الثاني وهو جناية الخطأ فلأن موجبها المال فيصير بمنزلة البيع، إلا أنه لا تصح الزيادة على قدر الدية لأنه مقدر شرعا فلا يجوز إبطاله فترد الزيادة، بخلاف الصلح عن القصاص حيث تجوز الزيادة على قدر الدية لأن القصاص ليس بمال وإنما يتقوم بالعقد، وهذا إذا صالح على أحد مقادير الدية، أما إذا صالح على غير ذلك جاز لأنه مبادلة بها، إلا أنه يشترط القبض في المجلس كي لا يكون افتراقا عن دين بدين. ولو قضى القاضي بأحد مقاديرها فصالح على جنس آخر منها بالزيادة جاز لأنه تعين الحق بالقضاء فكان مبادلة بخلاف الصلح ابتداء لأن تراضيهما على بعض المقادير بمنزلة القضاء في حق التعيين فلا تجوز الزيادة على ما تعين.

قال: "ولا يجوز عن دعوى حد" لأنه حق الله تعالى لا حقه، ولا يجوز الاعتياض عن حق غيره، ولهذا لا يجوز الاعتياض إذا ادعت المرأة نسب ولدها لأنه حق الولد لا حقها، وكذا لا يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة لأنه حق العامة فلا يجوز أن يصالح واحد على الانفراد عنه؛ ويدخل في إطلاق الجواب حد القذف لأن المغلب فيه حق الشرع.

قال: "وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحا وهي تجحد فصالحته على مال بذلته حتى يترك الدعوى جاز وكان في معنى الخلع" لأنه أمكن تصحيحه خلعا في جانبه بناء على زعمه وفي جانبها بدلا للمال لدفع الخصومة. قالوا: ولا يحل له أن يأخذ فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان مبطلا في دعواه.

قال: "وإذا ادعت امرأة على رجل نكاحا فصالحها على مال بذله لها جاز" قال رضي الله عنه: هكذا ذكر في بعض نسخ المختصر، وفي بعضها قال: لم يجز. وجه الأول أن

<<  <  ج: ص:  >  >>