للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا عدم التكليف الذي دلّ عليه الحديث الشريف فهو رفع لقلم المؤاخذة عنهم، وهذا كما لا يدلّ على إبطال عباداتهم، كصلاتهم، وصيامهم، وحجهم، ونحو ذلك، كذلك لا يدل على إبطال معاملاتهم.

وأمّا إن لم يكن عقد الصبي بإذن وليّه فالحكم بصحته أو ببطلانه مشكل، ولم يظهر لي فيه وجه تطمئن إليه النفس، وذلك أنّه إن وقع عقده من أصله صحيحًا فليس بحاجة إلى إجازة، وإن وقع أصلاً باطلاً فلا يكون بالإجازة صحيحًا، كما أنّه ليس للوليّ أن يجيز ما ظهر ضرره، ولا ردّ ما ظهر نفعه، والعقد الموقوف على الإجازة فيه خلاف يطول بيانه وتحقيق

وجه الحقِّ فيه، والظَّاهر أنَّه حتى لو قيل بصحته في المعاملات لكان الواجب صيانة عقود الأنكحة منه كما تقدّم في مسألة "إذا أنكح الوليّ من يعتبر إذنها بغير إذنها"١ من أنّ كلّ عقدة لا تحلُّ المرأة لزوجها لا تكون بالإجازة صحيحة، إلا أن يقال: إن العقد صحيح، وللوليّ حقٌّ فسخ ما ظهر له ضرره، ومعلوم أن الفسخ شيء، والردّ شيء آخر.

وقد قال ابن القيّم رحمه الله: لم يقم دليل شرعيّ على إهدار أقوال الصبيّ بالكلية، بل الأدلّة الشرعية تقتضي اعتبار أقواله فى الجملة"٢ اهـ.

والله أعلم.


١ انظر: هذه المسألة (ص ٣٥٩ وما بعدها) .
٢ أحكام أهل الذمة (٢/٤٩٩) في بحث نفيس في إسلام الأطفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>