للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاح الدين عن الكرك فى سادس عشر شعبان من السنة (واستصحب أخاه الملك العادل معه ودخل دمشق فى الرابع والعشرين من شعبان من السنة، وأعطى أخاه العادل حلب، فتوجّه إليها العادل ودخلها يوم الجمعة الثانى والعشرين من شهر رمضان من السنة. وخرج الملك الظاهر ويازكوج من حلب ودخلا دمشق يوم الاثنين الثامن والعشرين من شوّال من السنة. وكان الملك الظاهر أحب أولاد أبيه إليه لما فيه من الخلال الحميدة، ولم يأخذ منه حلب إلّا لمصلحة رآها أبوه صلاح الدين فى ذلك الوقت. وقيل: إنّ الملك العادل أعطاه على أخذ حلب ثلثمائة ألف دينار يستعين بها على الجهاد. ثم إنّ صلاح الدين رأى أنّ عود الملك العادل إلى مصر، وعود الملك الظاهر إلى حلب أصلح. قيل: إنّ علم الدين سليمان بن جندر «١» كان هو السبب لذلك، فإنّه قال لصلاح الدين، وكانت بينهما مؤانسة قبل أن يتملّك البلاد، وقد سايره يوما، وكان من أمراء حلب، والملك العادل لا ينصفه، وقدّم عليه غيره؛ وكان صلاح الدين قد مرض على حصار الموصل! وعمل الى حرّان وأشفى على الهلاك، ولمّا عوفى ورجع إلى الشام واجتمعا فى المسير، قال له: وكان صلاح الدين قد أوصى لكلّ واحد من أولاده بشىء من البلاد-: بأىّ رأى كنت تظنّ أنّ وصيّتك تنفذ! كأنّك كنت خارجا إلى الصيد ثم تعود فلا يخالفونك! أما تستحى [أن «٢» ] يكون الطائر أهدى منك إلى المصلحة! قال صلاح الدين: وكيف ذلك؟ وهو يضحك؛ قال: إذا أراد الطائر أن يعمل عشّا لفراخه قصد أعالى الشجر ليحمى فراخه، وأنت سلّمت الحصون إلى أهلك وجعلت أولادك على الأرض؛ هذه حلب- وهى أمّ البلاد- بيد أخيك،