للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عرفنا هذه المسألة يخرج عليها مسألة الحج أنه يجوز تأخيره عن أول أوقات الإمكان وقد ذكرنا وجه الكلام فيها وأما أبو زيد الدبوسي زعم أن الأمر بصيغته لا يدل على صفة الفورية إلا أن فى الحج وجب فعله على الفور لأن تأخيره يؤدى إلى تفويته حقيقة والإدراك فى السنة الثانية على الوهم والشك فلا يجوز القول بتأخير يؤدى إلى الفوات قطعا بإدراك موهوم وهذا فصل قد ذكرناه فى الخلافيات وذكرنا الكلام عليه فى كتاب الاصطلام فتركنا الكلام عليه فى هذا الباب واقتصرنا على ما ذكرناه والله أعلم.

مسألة.

وإذ بينا الكلام فى الأمر المطلق وقضيته فنبين حكم الأمر المؤقت بوقت فنقول اعلم أن الأمر الوارد على التوقيت على وجهين أمر مؤقت بوقت لا يفصل الوقت عنه بل هو وارد بقدر الوقت مثل صوم رمضان فإنه واجب بأول دخول الوقت بلا خلاف ومعنى الوجوب بأول الوقت أنه يجب مباشرته مقترنا بدخول وقته مقترنا من غير تقديم ولا تأخير١ وأما الوجه الآخر فهو الأمر المؤقت بوقت يفصل الوقت عنه وأن شئت قلت: يسع له ولغيره مثل الصلوات الخمس التى هى مؤقتة بالأوقات المعلومة ونعلم قطعا أن أوقاتها تسع لها ولغيرها فعندنا تجب هذه العبادات فى أول أوقاتها وجوبا متوسعا ومعنى الوجوب المتوسع أنه يطلق له التأخير عن أول أوقاتها إلى أوقات مثلها إلى أن يصل إلى وقت يعلم أنه أن آخر فات فحينئذ يضيق عليه ويحرم عليه التأخير وهذا قول أبى شجاع السلمى من أصحاب أبى حنيفة وهو اختيار كثير منهم وإليه ذهب جمهور المتكلمين٢.


١ انظر نهاية السول للأسنوي ١/١٦٦ أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير ١/١٠٤.
٢ ودليلهم في ذلك: أن الله تعالى لما فرض الصلاة أرسل جبريل عليه السلام ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم أوقاتها وأفعالها فأم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وصلى به أول يوم الصلاة في أو وقتها ثم صلى به في اليوم الثاني في آخر وقتها ثم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بهذه الأوقات بقوله: الوقت ما بين هذين - ووجه الاستدلال من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الوقت كله من أوله إلى آخره وقت للصلاة وهذا الخبر محتمل لأمور أربعة:
أحدها: أن المكلف يحرم بالصلاة من أول الوقت لا ينتهي منها حتى ينتهي الوقت.
الثاني: أن المكلف يوقعها مرة واحدة في جزء معين من الوقت..........=

<<  <  ج: ص:  >  >>