للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ عَلَوْتُ قُتُودَ الرحْل يَسْفَعُني ... يومٌ قُدَيَدِيمَة الجوزاء مسموم١

وقوله:

ولقَدْ أَغْتَدِي يُدافِعُ رُكْني ... أَحْوَذِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ إضريجُ٢

وكذلك قولُك: "جاءني زيدٌ يُسْرعُ"، لا فصل بين أن يكون الفعل ذي الحالِ، وبينَ أن يكونَ لمن هو مِنْ سَبَبِه، فإنَّ ذلك كلَّه يستمرُّ على الغَنى عن "الواوِ"، وعليه التنزيلُ والكلامُ. ومثالهُ في التنزيل قولُه عزَّ وجلَّ: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] وقولُه تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [النمل: ١٧، ١٨]، وكقوله عزَّ اسمُه {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف: ١٨٦].

مجيء جملة الحال فعلا مضارعا ومعه الواو:

٢٣٢ - فأما قول ابن همام السلولي:

فلما خشيت أظافيره ... نجوت، وأرهنهم مالكًا٣


١ هو شعر علقمة بن عبدة، في ديوانه: و "المفضليات: ١٢٠، وسيأتي أيضًا رقم: ٢٤٣ و "قنود الرجل"، خشب الرجل وأدواته. و "يسفعني" يحرقني ويغير لوني من همسة وحره، و "الجوزاء" برج من أبراج الشمس، يشتد الحر بنزولها فيه. و "مسموم"، شديد السموم، وهي الريح الحارة. و "قديديمة" تصغير "قدام"، وروايته في الديوان والمفضليات: "يوم تجيء به الجوزاء".
٢ هو لأبي داود، وقد مضى في الفقرة رقم: ٨٢.
٣ هو عبد اللهبن همام السلولي، في أنساب الأشراف (القسم الرابع، الجزء الأول من إحسان عباس": ٢٩٣، ٢٩٤، ومعاهد التنصيص ١: ٢٨٥، يقوله ليزيد بن معاوية، حين أمر ابن زياد، أن يأخذه، فآخذه، فسأله أن يكلفه عريفه، وكان اسم العريف "مالكًا" ففعل. ثم هرب ابن همام وأخذ عريفه ولحق بيزيد بن معاوية فاستجار به فآمنه، فقال له هذا الشعر لما رجع إلى دياره. وفي المطبوعة: "أظافرهم"، وهو خطأ، والضمير يعود إلى الأسد في البيت قبله، وهو:
وكرهني أرضكم أنني ... رأيت بها أسدًا شابكًا
و"شابك" مشتبك الأنياب، فهو أشد لفرسه.