للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أرطاةُ بنُ سُهَيَّةَ، وهو لطيفٌ جداً:

إنْ تَلقَني، لا تَرى غَيري بناظِرةٍ ... تنْسَ السِّلاحَ وتعْرِفْ جَبْهةَ الأَسدِ١

فقولُه: "لا ترى" في موضعٍ حالٍ. ومثلُه في اللُّطفِ والحُسْن قولُ أعشى هَمْدان، وصَحِبَ عبَّاد بنَ ورقاءَ إلى أصبهانَ فلم يَحْمَدْه فقال:

أتَيْنَا أصبهانَ فهزَّلَتْنا ... وكنَّا قَبْل ذلك في نَعيم

وكانَ سَفاهةً منِّي وَجهلاً ... مَسِيري، لا أَسِيرُ إلى حَميمِ٢

قولُه: "لا أسيرُ إلى حَميمٍ"، حالٌ من ضميرِ المتكلمِ الذي هو "الياء" في "مسير"، وَهُوَ فاعلٌ في المعنى، فكأنه قال: وكان سَفاهةً مني وجهلاً أَنْ سرتُ غيرَ سائرٍ إلى حَميمٍ، وأنْ ذهبتُ غيرَ متوجِّهٍ إلى قريب، وقال خالد بن يزويد بن معاوية:

لَو أَنَّ قَوْماً لاِرتفاعِ قَبيلةٍ ... دَخَلُوا السماءَ دخلتُهَا لا أُحْجَبُ٣

وهو كثيرٌ إلا أنه لا يَهْتَدي إلى وضْعِه بالموضع المَرْضِيِّ إلاَّ من كان صحيح الطبع.

الماضي يجيء حالا بالواو وغير الواو مقرونا مع "قد":

٢٣٦ - ومما يجيءُ بالواوِ وغيرِ "الواوِ"، الماضي، وهو لا يقعُ حالاً إلا مع "قد" مُظْهَرةً أو مقدَّرَةً. أما مجيئُها بالواوِ فالكثيرُ الشائعُ، كقولِكَ: "أتاني وَقَدْ جَهِدَهُ السيرُ" وأّمَّا بغيرِ "الواو" فكقوله:


١ أبياته في الأغاني ١٣: ٣٤ "الدار" بقوله لشبيب بن البرصاء، وكان قال: "وددت أنى جمعني وأين الأمة أرطأة بن سهية يوم قتالي فأشفي منه غيظي". فبلغ ذلك أرطأة، فقال: "إن تلفني"، الشعر.
٢ في مجموع شعر الأعشين: ٣٤١، والصحيح أن الأعشى صحب أبا سليمان خالد بن عتاب بن ورقاء البراحي، انظر الأغاني: ٦: ٤٣ "الدار".
٣ غير منسوب، في شرح شواهد العيني "الخزانة ١٣: ١٩١".