للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحديِثه، لم يستقْم. فلو قلتَ: "خرجتُ اليومَ من داري"، ثم قلتَ: "وأحسنُ الذي يقولُ بيتَ كذا"، قلتَ ما يُضْحَكُ منه. ومن ههنا عابوا أبا تمام في قوله:

لا والذي هُوَ عالِمٌ أنَّ النَّوَى ... صَبِرٌ وأنَّ أبا الحُسَيْنِ كريمُ١

وذلك لأنه لا مناسبةَ بينَ كَرَمِ أبي الحسين ومرارِة النَّوى، ولا تعلُّقَ لأَحِدهما بالآخرِ، وليس يقتضي الحديثُ بهذا الحديثُ بذاك.

٢٥٢ - واعلمْ أنه كما يجبُ أن يكونَ المحدَّثُ عنه في إحدى الجملتين بسببٍ من المحدَّثِ عنه في الأخرى، كذلكَ ينبغي أنْ يكونَ الخبرُ عن الثاني مما يَجْرِي مَجْرى الشبيهِ والنظيرِ أو النَّقيضِ للخبر عن الأولِ. فلو قلتَ: "زيدٌ طويلُ القامة وعمرو شاعرٌ"، كان خُلْقاً، لأنه لا مُشاكلَةَ ولا تعلُّق بينَ طولِ القامةِ وبين الشعرِ، وإنما الواجب أن يقال: "زيد كاتب وعمرو شاعر"، و "زيد طويل القامة وعمرو قصيرٌ".

وجملةُ الأمِر أنها لا تجيءُ حتى يكونَ المَعْنى في هذِهِ الجملة لَفْقاً للمعنى في الأخرى ومُضَامَّاً له، مثل أن "زيداً" و"عمرًا" إذا كانا أخوَيْن أو نظيرين أو مُشتبكَيِ الأحوالِ على الجملة، كانتِ الحالُ التي يكونُ عليها أحدُهما، من قيامٍ أو قعودٍ أو ما شاكَلَ ذَلكَ، مضمومة في النَّفسِ إلى الحالِ التي عليها الآخَرُ من غَير شَكٍ٢. وكذا السبيل أبدًا.


١ في ديوانه.
٢ في "ج": "كانت الحال التي كون عليها الآخر من غير شك"، أسقط ما بين الكلامين سهوًا.