للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل الحجة وإن كان مدلول اللفظ لا يزيد على ما ذكره الذهبي، فمن ثم خالفناه في مثل الشافعي رضي الله عنه، أما من ليس مثله، فالأمر على ما وصفه شيخنا رحمه الله تعالى انتهى.

والعجب من اقتصاره على نقله عن الذهبي مع أن ذلك قاله طوائف من فحول أصحابنا وقد رأيت في كتاب (الدلائل والإعلام) لأبي بكر الصيرفي: إذا قال المحدث: حدثني الثقة عندي أو حدثني من لم أتهمه - لا يكن حجة، لأن الثقة عنده قد لا يكون ثقة عندي فاحتاج إلى علمه. انتهى. وقال الماوردي والروياني في القضاء إذا قال: أخبرني الثقة أو من لا أتهم - فليس بحجة، لأنه قد يثق به، ويكون مجروحا عند غيره.

(ص) ويقبل من أقدم جاهلا على مفسق مظنون أو مقطوع في الأصح.

(ش) المراد بالمفسق المظنون: أن يقدم على أمر يعتقد أنه على صواب لمستند قام عنده ونحن نظن بطلان ذلك المستند ولا نقطع به، أما لو ظننا فسقه ببينة شهدت بفسقه (١٤٢ب) فليس من هذا القبيل بل ترد روايته والمراد بالمقطوع: أن يقطع ببطلان مأخذه، فالأول: خالف ظننا، والثاني: خالف قطعنا، وهذا التفصيل نقلوه عن الشافعي رضي الله عنه، أما في المظنون، فلقوله: إذا شرب الحنفي النبيذ من غير سكر - قبل شهادته واحدة لأنه لم يقدم عليه جرأة، ودليل تحريمه ليس قطعيا، حتى لا يعتبر ظنه معه - فتقبل روايته، وأما في المقطوع فلقوله: أقبل رواية أهل الأهواء إلا الخطابية، ووجهه فيهما: أن المقتضي لقبول روايته قائم، وهو ظن صدقه، لأنه يرى الكذب قبيحا كغيره، والعارض المتفق عليه منتف، وهو الفسق الذي لا تؤمن معه الجرأة، على الكذب، والأصل عدم غيره، فوجب أن يقبل، عملا بالمقتضي ولا بد أن يستثنى على هذا القول من المقطوع بفسقه - من يرى الكذب والتدين به، فلا يقبل بلا خلاف، وإليه أشار الشافعي رضي الله عنه، بقوله: إلا الخطابية فلا وجه لطرح المصنف له، والثاني: لا يقبل، لأنه فاسق فاندرج تحت الأدلة المانعة من قبول قول الفاسق، والثالث: الفرق بين المقطوع والمظنون، لأن ظن

<<  <  ج: ص:  >  >>