للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدق يضعف في المقطوع دون المظنون وههنا أمران: أحدهما: اقتضى كلامه حكاية قول في عدم قبول المظنون، وحكى في (المحصول) الاتفاق فيه على القبول قال الهندي: والأظهر ثبوت الخلاف فيه، كما في الشهادة، فإن فيها وجها، أنها ترد به، وذلك جار في الرواية أيضا، إذ لا فرق بينهما فيما يتعلق بالعدالة.

الثاني: قوله جاهلا، ليس مطابقا لوضع المسألة لأنها مفروضة فيمن يقدم عليه معتقدا جوازه بتأويل، وأما الجاهل بكونه فسقا فلم يتكلم فيه الأصوليون والذي أوقع المصنف في ذلك عبارة (المنهاج) والحاصل أن الصور ثلاثة:

أحدها: أن يعتقد كونه فسقا ويقدم عليه عالما به، فروايته مردودة بالإجماع، كما قاله في (المحصول): لا يؤمن معه الإقدام على الكذب، وكأن المصنف عبر بالجهل ليحترز عنها.

والثانية: أن يستحله بتأويل، كشبهة أو تقليد وهي مسألتنا وهي التي تكلم فيها الشافعي رضي الله عنه، والقاضي.

والثالثة: أن يقدم جاهلا بكونه فسقا فهذا لم يتعرض له الأصوليون وهو من وظيفة الفقهاء وفيه تفصيل لهم، وقد قال الماوردي: أما ما اختلف في إباحته كشرب النبيذ والنكاح بلا ولي - إن فعله معتقد التحريم، كان كبيرة، وإن لم يعتقد تحريمه ولا إباحته مع علمه بالخلاف فيه وجهان: قال البصريون: هو فاسق مردود الشهادة لأن ترك الاسترشاد في الشبهات تهاون بالدين وقال البغداديون: لا يفسق، لأن اعتقاده الإباحة أغلظ من التعاطي ولا يفسق معتقد الإباحة، وحكى المصنف في شرحه (للمنهاج) الوجهين وأسقط منهما قوله مع علمه بالخلاف فيه، فأشكل الأمر عليه وقال: لا بد من فرضهما في جاهل بالقاعدة المشهورة، وهي أن المكلف لا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>