للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي: إن تحقق تركه له مع ارتفاع الموانع كان جرحا، وإن لم يثبت قصده إلى مخالفته لم يكن جرحا (واعلم أن مرادهم ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته وإلا لفسق التارك بذلك).

(ص): ولا الحد في شهادة الزنا ونحو النبيذ.

(ش): فيه مسألتان:

إحداهما: ليس من الجرح الحد في الشهادة بالزنا، إذا لم يكمل النصاب، لأن الحد لأجل نقص العدد، لا لمعنى في الشاهد وهذا بناء على أظهر قولي الشافعي رضي الله عنه، فيما إذا شهد ثلاثة بالزنا، أنهم يحدون، لقصة المغيرة، وألحق الرافعي به جارح الراوي بذكر الزنا إذا لم يوافقه غيره حتى يكون قاذفا على الأصح، وخالفه النووي وقال المختار (١٤٨ب) أو الصواب: أنه لا يجعل قاذفا لأنه معذور في شهادته بالجرح فإنه مسؤول عنها، وهي في حقه فرض كفاية أو متعينة بخلاف شهود الزنا فإنهم مندوبون إلى الستر فهم مقصرون، وما قاله النووي هو الذي قطع به الشيخ أبو حامد والقاضي الحسين، وغيرهما، ولم يخرجوه على الخلاف في شهود الزنا.

الثانية: ليس من الجرح ارتكاب ما اختلف فيه، وقال بحله بعض العلماء في مسألة اجتهادية كشرب النبيذ الذي لا يسكر، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه، في الحنفي: أحده، وأقبل شهادته، لما سبق في الكلام على المفسق المظنون، وكذلك قال: لا أرد شهادة المستحل لنكاح المتعة والمفتي به والعامل به وهذا بناء على أنه فسقه مظنون كما سبق وخالف مالك، واعتقد أنه مقطوع، فقال: أحده للمعصية، وأرد شهادته لفسقه وقال القرافي: وهو أوجه من قول الشافعي رضي الله عنه، لسلامته من التناقض ولأن هذا منع التقليد فيه، فمن قلد فيه بمثابة من لم يقلد فيكون عاصيا فيفسق وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>