للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتجاج بالمجموع، فإن حالة الاجتماع تفيد ظنا غالبا، وهذا شأن كل ضعيفين اجتمعا، لأن الظن يتقوى، فلا يلزم من عدم الاحتجاج بالأضعف عدم الاحتجاج بالأقوى، ولم يعتمد الشافعي على مجرد المرسل ولا على المنضم إليه، ونظيره خبر الواحد إذا احتفت به القرائن يفيد القطع عند قوم، مع أنه لا يفيد ذلك بمجرده ولا القرائن بمجردها، فإن قيل: هذا صحيح إذا كان المنضم إليه ضعيفا، فإن كان قويا كالمسند فالعمل حينئذ بمجرد المنضم، ولهذا قال ابن الحاجب: الأول غير وارد (على الشافعي والثاني وارد.

قلنا: بل هو غير وارد) أيضا، لأنه إذا أسنده غير مرسله، فقد انضم مسند إلى مرسل، وذلك يوجب التقوية (١٥٠ب) أيضا، وحتى لو عارض مسندا آخر يكون راجحا عليه، لكونه مسندا ومرسلا معا، والآخر مسند فقط.

تنبيهات: الأول: أن من تأمل نصوص الشافعي في (الرسالة)، وجدها مصرحة بأنه لم يطلق القول بأن المرسل حينئذ يصير حجة مطلقا كما نقله المصنف وغيره، بل سوغ الاحتجاج به، ولهذا قال الشافعي بعد ذلك: ولا أستطيع أن أقول: الحجة تثبت به كثبوتها بالمتصل. انتهى. وفائدة ذلك أنه إذا عارضه متصل كان المتصل مقدما عليه، ولو كان حجة مطلقا لتعارضا، وقد قال القاضي في (التقريب): قال الشافعي: في هذه المواضع أستحب قبوله، ولا أستطيع أن أقول: الحجة تثبت به ثبوته بالمتصل، قال: فقد نص على أن القبول عند هذه الأمور مستحب لا واجب، لكن قال البيهقي: مراده بقوله: أجبنا، اعتبرنا.

الثاني: نبه بقوله (كبار التابعين) على أن هذه الأسباب تختص بهم دون صغارهم، وإلى هذا أشار الشافعي في (الرسالة) فيستدل به على إطلاق (المنهاج)

<<  <  ج: ص:  >  >>