للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باستدعاء «كمال الدين كاميار» لتزويده ببعض الوصايا، فأسرع غلمان الخاصّ في طلبه، فوصل الحضرة عند صلاة العشاء. وكان قد ظهر الكلال على القوّة الناطقة للسلطان حتى إنه كان يستخدم الإيماءات والإشارات، فما أدرك الأمير كمال الدين شيئا منها، ومن ثمّ سارع بالعودة إلى البيت.

وكانت اللّيلة التي انتقل فيها السلطان من قصر «كيقبادية» إلى جنّة الرّضوان هي ليلة الاثنين الرابع من شّوال سنة ٦٣٤، وبعد يومين حمل جسده المطهّر إلى «قونية»، ودفن جنبا إلى جنب آبائه وأجداده.

لقد أصبح قلب البرق بسبب ذلك مشوّيا، وامتلأ عين السّحاب بالدمع، وأخذت أمور الملك والملة منذ ذلك اليوم في التّراجع، وأصابها الفساد، ولحق الوهن بما يمسك السلطنة من نظام.

وكان من عجائب الاتّفاقات أن الملك الكامل والملك الأشرف- وكلاهما كان يمنّي نفسه بالسّيطرة على بلاد الروم- قد لقيا حتفهما في هذه الأيّام نفسها.

ووقع الهرج والمرج في أحوال ممالك الرّوم، فلم يذق حلق إنسان شربة هنيئة بهذه الممالك النّزهة العامرة، التي كانت موئل الغرباء وملجأ الضعفاء. ولم تنبثق من الأرواح والقلوب مئات الآلاف من أنهار الحماسة والفتوّة.

***