للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى القَبْرِ إِلَّا الوَلِيُّ فَقَطْ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الجَنَازَةِ وَكَانَ الذِي عَلَيْهَا غَيْرُ وَلِيِّهَا ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاعَةٌ: " يُصَلِّي عَلَى الْقَبْرِ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ "». وذكر ابن رشد أن سبب مخالفة مالك الحديث الصلاة على القبر أنه مخالف لما عليه العمل، أما أبو حنيفة فيبدو أن سبب رده له هو أنه خبر آحاد فيما تعم به البلوى (١).

وقد حمل صاحب " الهداية " حديث الصلاة على المرأة بعد ما دفنت على أنه لَمْ يُصَلَّ عليها من قبل، وحينئذٍ فلا مانع من الصلاة على قبرها، وحمل الكمال بن الهُمام ما روي في الصلاة على الغائب والقبول على الخصوصية (٢).

٣٤ - الصَّلَاةُ عَلَى الشَّهِيدِ:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا».

- «[وَذُكِرَ] أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " يُصَلَّى عَلَى الشَّهِيدِ "».

سبب الاختلاف هنا هو اختلاف الأحاديث، ما بين مثبت الصلاة على الشهيد، وناف لها، وقد وافق البخاري أبا حنيفة في الصلاة على الشهيد وروى الأحاديث في ذلك، وقال الترمذي: «وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: " لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّهِيدِ "، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وقَالَ بَعْضُهُمْ: " يُصَلَّى عَلَى الشَّهِيدِ "، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ "، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ» (٣).


(١) و (٢) " بداية المجتهد ": ١/ ١٩٠؛ و" فتح القدير ": ١/ ٤٥٦، ٤٥٩؛ و" البخاري ": ١/ ١٥١؛ و" الترمذي ": ٤/ ٢٥٦، ٢٥٨؛ و" أبو داود ": ٣/ ٢٨٧.
(٣) انظر " الترمذي ": ٤/ ٢٥٣، ٢٥٤؛ و" البخاري ": ١/ ١٥٢؛ و" النسائي ": ٤/ ٦٠، ٦٢؛ و" أبا داود ": ٣/ ٢٦٥، ٢٦٦؛ و" ابن ماجه ": ١/ ٤٨٥، ٤٨٦.

<<  <   >  >>