للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الاسم الأخير هو الصحيح، وذلك لأمور ثلاثة:

الأمر الأول: أن هذا الاسم جاء في عدة نسخ، وهي نسخ قديمة نسبيا، وهذه النسخ قد رويت من أكثر من طريق عن أبي عيسى الترمذي، كما سيأتي.

والأمر الثاني: أن هذا الاسم مطابق للمسمى، وذلك أن الترمذي قد جعل هذا الكتاب شاملا لأبواب الشريعة، ولم يجعله خاصا لأحاديث الأحكام، وأضاف إلى ذلك كلام الفقهاء من الصحابة والتابعين وهلم جرا، وضم إلى ذلك كلام الحفاظ على الأحاديث والرجال، فهو بهذه الصفة يكون جامعا، لذا سمي بـ"الجامع".

قال أبو سليمان الخطابي: (وكان تصنيف علماء الحديث قبل زمان أبي داود الجوامع والمسانيد ونحوهما، فتجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام أخبارا، وقصصا، ومواعظَ، وآدابا … ) (١).

فما قاله الخطابي في "وصف الجوامع" منطبق على كتاب أبي عيسى لأنه لم يقتصر على السنن المتعلقة بالاْحكام، وإنما جمع إلى ذلك ما يتعلق بالإيمان والعلم والمناقب والفضائل والتفسير والزهد وصفة القيامة والجنة وجهنم … الخ، فهو بهذه المثابة كتاب جامع.

ويؤيد تسميته بـ"الجامع" أن بعض شيوخ الترمذي سموا كتبهم بهذه التسمية، فالبخاري قد سمى كتابه "الصحيح" بـ "الجامع"، وقد قال أبو عيسى في باب الاستنجاء يالحجرين: (وسألت محمدا - أي: البخاري - عن هذا الحديث (٢) فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير، عن أبي


(١) "معالم السنن" (١/ ٧).
(٢) أي: حديث عبد الله بن مسعود: أن النبي خرج لحاجته فقال: "التمس لي ثلاثة أحجار … " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>