للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلع عليهم وحملهم، وفرض لهم العطاء بالزاب وكتب لهم به، وانقلبوا إلى أهلهم، ووفد على أثرهم أحمد بن يوسف بن مزني، أوفده أبوه بهديّة السلطان من الخيل والرقيق والرزق [١] فتقبّلها السلطان وأكرم وفادته وأنزله، واستصحبه إلى فاس ليريه أحوال كرامته، وليستبلغ في الاحتفاء به، واحتل بدار ملكه منتصف ذي القعدة من سنة تسع وخمسين وسبعمائة والله أعلم.

[الخبر عن مهلك السلطان أبي عنان ونصب السعيد للأمر باستبداد الوزير حسن بن عمر في ذلك]

لما وصل السلطان إلى دار ملكه بفاس، احتل بها بين يدي العيد الأكبر حتى إذا قضى الصلاة من يوم الأضحى أدركه المرض، وأعجله طائف الوجع عن الجلوس يوم العيد على العادة، فدخل إلى قصره ولزم فراشه، واستبدّ به وجعه، وأطاف به النساء يمرّضنه. وكان ابنه أبو زيان ولي عهده، وكان وزيره يحيى بن موسى القفولي [٢] من صنائع دولتهم وأبناء وزرائهم، قد عقد له السلطان على وزارته واستوصاه به، فتعجّل الأمر، وداخل رءوس بني مرين في الانحياش إلى أميرهم والفتك بالوزير الحسن بن عمر وداخله في ذلك عمر بن ميمون لعداوة بينهما وبين الوزير فخشيهما الحسن بن عمر على نفسه. وفاوض عليه أهل المجلس بذات صدره، وكانت نفرتهم عن وليّ العهد مستحكمة لما أبلوا من سوء خلته وشرّ ملكته، فاتفقوا على تحويل الأمر عنه. ثم نمي إليهم أنّ السلطان مشرف على الهلكة لا محالة، وأنه موقع بهم من قبل مهلكه، فأجمعوا أمرهم على الفتك به والبيعة لأخيه السعيد طفلا خماسيا، وباكروا دار السلطان فتقبّضوا على وزيره موسى بن عيسى وعمر بن ميمون فقتلوهما، وأجلسوا السعيد للبيعة. وأوعز وزيره مسعود بن رحو بن ماسى بالتقبّض على أبي زيّان من نواحي القصر، فدخل إليه وتلطّف في إخراجه من بين الحرم.

وقاده إلى أخيه فبايع وتلّ إلى بعض حجر القصر، فأتلف فيها مهجته. واستقلّ الحسن بن عمر بالأمر يوم الأربعاء الرابع والعشرين لذي الحجة من سنة تسع


[١] وفي نسخة ثانية: الدرق.
[٢] وفي نسخة ثانية: العقولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>