للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خياركم في الإسلام إذا فقهوا" (١) وعمرو وخالد وأمثالهما أصحاب قرار وأدوار بارزة في الجاهلية .. فليس من المتوقع أن يخبو وهجهم بعد إسلامهم .. لأن الإسلام مأخوذ بتفجير الطاقات واستثمارها ولكن نحو الأجمل والأسمى .. وهل هناك تفجير واستثمار كهذا الذي حصل عليه عمرو وخالد .. هل هناك من قطع بلمح البصر تلك المسافة التي قطعاها أو اعتلى قمة كالتي يقفان عليها .. والمستقبل بالإسلام يعد لطاقات عمرو بن العاص الكثير والكثير مما لا يحلم به لو كان منبطحًا تحت أقدام هبل وبقية الأخشاب والأحجار المقذوفة فوق ظهر الكعبة .. ها هو بعد أن ترك تلك الأصنام التي حجمته في دائرة مساحتها لا تتجاوز مساحة دائرة الطواف بصنم .. ها هو يتبختر على مشارف أعظم دولتين في العالم فارس والروم بكل ثقة .. هذا بالضبط ما كان الإسلام يعده لأبي جهل وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط لو أسلموا .. وهذا ما تنبأ أبو سفيان بحدوثه وهو واقف على بلاط هرقل الروم ينصت إلى زعيم الروم وهو يتأهب للرحيل عن بلاطه وأرضه وسلطانه وملكه لمحمد البسيط الذي "يخصف نعله ويخيط ثوبه ويرقع دلوه" (٢) لمحمد الذي يقول عن نفسه "آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد" (٣) لمحمد الذي يأمن عنده الخائف .. أُتي له "برجل ترعد فرائصه، فقال له هون عليك فإنما أنا بن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء" (٤)


(١) صحيح البخاري ٣ - ١٢٣٥.
(٢) حديث صحيح مر معنا وهذا لفظ ابن حبان ١٢ - ٤٩٠.
(٣) صحيح الجامع للإمام الفقيد الألباني رحمه الله.
(٤) حديث صحيح رواه الحاكم ٢ - ٥٠٦ والطبرانيُّ ٢ - ٦٤ إسماعيل بن أبي خالد عن قيس ابن أبي حازم عن جرير بن عبد وابن ماجه ٢ - ١١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>