للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلوم العصرية "الرياضية والطبيعية" بطلابها في الهندسة والحقوق والإدارة والعلوم العسكرية (١)، وفي أثناء تولي إسماعيل لحكم مصر سنة (١٨٦٣ م) عُين أحد اليهود الماسونيين "يعقوب صنوع" مدرسًا للغات فيها، وبقي ست سنوات (٢).

و"يعقوب صنوع" من الطائفة اليهودية في مصر، والكثير منهم كان يتمتع بالحماية الأجنبية، وكان والده مقربا من الأمير "أحمد يكن"، أعجب هذا الأمير بيعقوب، وابتعثه على حسابه إلى إيطاليا وعمره ثلاث عشرة سنة ليتعلم الفنون والآداب، فوصل الفتى إيطاليا وقت ازدهار الماسونية فيها مع "إيطاليا الفتاة -ماتزيني" فتأثر بها (٣).

دخل على طلابه في إحدى أهم المدارس آنذاك بهذه الخلفية، ثم أسس محفلًا ماسونيًا (التقدم)، فأُبعد عن المدرسة، ثم أُغلق (محفل التقدم) ليؤسس محفلًا آخر تحت اسم "جمعية محبي العلم"، ونلاحظ هنا التمسح بمسألة "العلم"، وغايتها كما يقول: "نشر الثقافة العصرية والوعي الاجتماعي والسياسي بين الشباب المتعلم، دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو اللغة"؛ فالفئة المستهدفة هي الفئة المتعلمة، وكان أكثر الفئات إقبالًا على المحفلين "الطلاب والضباط"، وكان المحفل يعقد أربعة اجتماعات أسبوعيًا، يدار على صورة محاضرات غالبًا ما يلقيها صنوع، وكانت موضوعاتها حول التاريخ والسياسة والأدب والتعليم وثقافة العصر، وكما يقول "صنوع": "وكنا باستمرار نروج لنظريات المفكرين الأحرار الغربيين"، مع التركيز على تاريخ فرنسا وإيطاليا، ولاسيّما فترة الثورة الفرنسية وفترة إيطاليا الفتاة مع ماتزيني، وهي مراحل ينشط فيها الماسون في الغرب (٤).


(١) انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث (عصر إسماعيل) ص ٢٧٤.
(٢) انظر: المرجع السابق.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٧٢ - ٢٧٣ والغريب كيف يهتم هؤلاء بأبناء أعدائهم ويتركون الاعتناء بأبناء المسلمين.
(٤) انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث (عصر إسماعيل) ص ٢٨٥ - ٢٨٦، وقد أسس أيضًا مسرحًا، حَضَر بعض مسرحياته الوالي نفسه، وقد ترك ما يقرب من ثلاثين مسرحية، انظر: المرجع نفسه ص ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>