للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفجر قلب رجل منكم لم ينقص ذلك من ملكي شيئًا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئًا إلا كما ينقص البحر أن يغمس المخيط (١) فيه غمسة واحدة. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم فمن وجد خيرًا فليحمد الله عز وجل ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه (٢).

قال أبو مسهر: قال سعيد (٣) بن عبد العزيز: كان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثا (٤) على ركبتيه. هذا حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (٥). ورجال إسناده مني إلى أبي ذر كلهم دمشقيون. وقد دخل أبو ذر دمشق، فاجتمع في هذا الحديث جمل من الفوائد:


(١) قال النووي: ضرب المثل بالمخيط في البحر، لأنه غاية ما يضرب به المثل في القلة، والمقصود التقريب إلى الإفهام بما شاهدوه، فإن البحر من أعظم المرئيات عيانًا وأكبرها، والإِبرة من أصغر الموجودات مع أنها صقيلة لا يتعلق بها ماء والله أعلم.
انظر: شرح مسلم ١٦/ ١٣٣؛ وجامع العلوم والحكم، ص ٢١٧.
(٢) قال ابن رجب: هذه إشارة إلى أن الخير كله فضل من الله على عبده من غير استحقاق له، والشر كله من عند ابن آدم من اتباع هوى نفسه انتهى. قلت: فيه رد على المعتزلة في قولهم بوجوب فعل الأصلح للعبد على الله.
انظر: جامع العلوم، ص ٢١٨؛ وشرح الطحاوية، ص ١٥٥.
(٣) انظر: صحيح مسلم مع النووي ١٦/ ١٣٣.
(٤) أي جلس على ركبتيه.
انظر: الصحاح ٦/ ٢٢٩٨ مادة: جثا.
(٥) انظر: صحيح مسلم مع النووي ٦/ ١٣١؛ من طريق مروان عن سعيد بن عبد العزيز به وساق الحديث، وقال رحمه الله: حدثنيه أبو بكر بن إسحاق حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز بهذا الإِسناد غير أن مروان أتمهما حديثًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>