للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوفي رحمه الله تعالى يوم الاثنين سلخ المحرم سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة، وجدوه غريقاً في البركة، ودفن في مقابر باب النصر.

وكان له من الرواتب في تلك الأيام ما يقارب الألفي درهم، واجتهد بدهائه، إلى أن جعل ذلك في جملة رواتب المماليك السلطانية حتى إن المستوفين لا يتعرضون له إذا عملوا استيماراً، وكان الأمير سيف الدين أرغون النائب إذا رآه في القلعة يقول: ما أحسد إلا هذا الشيخ الذي له في كل شهر ألفا درهم، وهو دائر بطال بلا شغل.

وكان يحضر عند السلطان في سرياقوس، يتكلم بين يديه بالنفع والضر لمن يريد، لأنه كان خبيراً بأخلاق الملوك، ومخاطباتهم وسياساتهم. قال لي من لفظه: أنا أتعيش بين الناس، وأتجوه عندهم بكل جلسة أجلسها بسرياقوس عند السلطان عدة شهور.

وكانت له خصوصية بالقاضي فخر الدين ناظر الجيش، وبالقاضي علاء الدين بن الأثير كاتب السر، ونفع جماعة، وهو كان أحد من ساعد الخطيب جلال الدين القزويني على توليه قضاء القضاة بالشام وعلى الحضور إلى قضاء الديار المصرية.

ودخل يوماً إلى القاضي مجد الدين بن لفيتة، وهو ناظر الدولة، يطالبه بمرتبه وألح عليه، وزاد في الإبرام، فقال له: يا مولانا كل شهر ألفا درهم، ما تمهل علينا بشهر واحد؟، فقال: يا مولانا هذه الألفان التي لي ما تكفي هذا عبدك الذي يحمل دواتك أن يشرب بها نبيذاً، فلم يجبه بكلمة، وصرف له ما أراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>